إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{مِن شَرِّ مَا خَلَقَ} (2)

{ مِن شَرّ مَا خَلَقَ } أَيْ مِنْ شَرِّ ما خلقَهُ منَ الثقلينِ وَغيرِهِما كائناً ما كانَ منْ ذواتِ الطبائعِ والاختيارِ ، وهَذَا كَمَا تَرَى شَاملٌ لجميعِ الشرورِ ، فمَنْ توهَم أنَّ الاستعاذةَ هَهُنا من المضارِّ البدنيةِ ، وأنَّها تعمُّ الإنسانَ وغيرَهُ مِمَّا ليسَ بصددِ الاستعاذةِ ، ثُمَّ جعلَ عُمومَهَا مَداراً لإضافةِ الربِّ إلى الفلقِ ، فقدْ نَأَى عنِ الحَقِّ بمراحلَ ، وإضافةُ الشرِّ إليهِ لاختصاصِهِ بعالمِ الخلقِ المؤسسِ على امتزاجِ الموادِّ المتباينةِ ، وتفاعلِ كيفياتِهَا المتضادةِ المستتبعةِ للكونِ والفسادِ ، وأما عالمُ الأمرِ فهُوَ خيرٌ محضٌ منزهٌ عنْ شوائبِ الشرِّ بالمرةِ .