الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَأَلۡقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلۡقَفۡ مَا صَنَعُوٓاْۖ إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيۡدُ سَٰحِرٖۖ وَلَا يُفۡلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيۡثُ أَتَىٰ} (69)

قوله : { تَلْقَفْ } : قرأ العَامَّةُ بفتح اللام وتشديد القافِ وجزمِ الفاءِ على جواب الأمر . وقد تقدم أنَّ حَفْصاً يقرأ " تَلْقَفْ " بسكون اللامِ وتخفيفِ القاف . وقرأ ابن ذكوان هنا " تَلْقَفُ " بالرفع : إمَّا على الحالِ ، وإمَّا على الاستئناف . وأَنَّثَ الفعلَ في " تَلْقَف " حَمْلاً على معنى " ما " لأنَّ معناها العصا ، ولو ذُكِّر ذهاباً إلى لفظِها لجاز ، ولم يُقرأ به .

[ وقال أبو البقاء : " يجوز أَنْ يكونَ فاعلُ " تَلْقَف " ضميرَ موسى " فعلى هذا يجوز أَنْ يكونَ " تلقفُ " في قراءة الرفع حالاً من " موسى " . وفيه بُعْدٌ ] .

قوله : { كَيْدُ سَاحِرٍ } العامَّةُ على رَفْع " كَيْدُ " على أنه خبرُ " إنَّ " و " ما " موصولةٌ . و " صَنَعُوا " صلَتُها ، والعائدُ محذوفٌ ، والموصولُ هو الاسمُ ، والتقدير : إنَّ الذي صنعوه كيدُ ساحرٍ . ويجوز أَنْ تكونَ " ما " مصدريةً فلا حاجةَ إلى العائد ، والإِعرابُ بحالِه . والتقدير : إنَّ صُنْعَهم كيدُ ساحرٍ .

وقرأ مجاهد وحميد وزيد بن على " كَيْدَ " بالنصب على أنه مفعولٌ به ، و " ما " مزيدة مُهَيِّئَةٌ .

وقرأ الأخَوان " كيدُ سِحْر " على أنَّ المعنى : كيدُ ذوي سِحْرٍ ، أو جُعِلوا نفسَ السحر مبالغةً ، أو تبيينٌ للكيد ؛ لأنه يكون سِحْراً وغيرَ سحرٍ ، كما تُمَيَّزُ سائرُ الأعدادِ بما يُفَسِّرها نحو " مئة درهمٍ ، وألف دينار " . ومثلُه : علمُ فقه ، وعلمُ نحو . وقال أبو البقاء : " كيدُ ساحر " إضافةُ المصدر إلى الفاعلِ و " كيدُ سِحْر " إضافةُ الجنسِ إلى النوع " .

والباقون " ساحر " . وأفرد/ ساحراً ، وإنْ كان المرادُ به جماعةً . قال الزمخشري : " لأن القَصْدَ في هذا الكلامِ إلى معنى الجنسية ، لا إلى معنى العددِ ، فلو جمِع لخُيِّل أنَّ المقصودَ هو العددُ " .