فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَأَلۡقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلۡقَفۡ مَا صَنَعُوٓاْۖ إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيۡدُ سَٰحِرٖۖ وَلَا يُفۡلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيۡثُ أَتَىٰ} (69)

{ وألق ما في يمينك } يعني العصا ، وإنما أبهمها تعظيما وتفخيما ، أي لا تحتفل بهذه الأجرام فإن في يمينك شيئا أعظم منها كلها ، وهذه على كثرتها أقل شيء عندها ، فألقها ولا تبال بكثرة حبالهم وعصيهم ، وجاز أنه يكون الإبهام للتصغير أي وألق العويد الفريد الصغير الجرم ، الذي بيدك فإنه بقدرة الله تعالى : { تلقف } على وحدته وكثرتها وصغره وعظمها .

قرئ تلقف بسكون اللام من لقفه إذا ابتلعه بسرعة ، وقرئ بالرفع على تقدير فإنها تلقف . وقال الزجاج : القراءة بالجزم جواب الأمر ، ويجوز الرفع على معنى الحال كأنه قال ألقها متلقفة { ما صنعوا } من الحبال والعصيّ .

{ إنما صنعوا كيد ساحر } أي جنسه ، أي أن الذي صنعوه كيد ساحر ، أو أن صنعهم كيد ساحر وقرئ سحر ، وإضافة الكيد إلى السحر على الاتساع من غير تقدير ، أو بتقدير ذي سحر وقيل غير ذلك .

{ ولا يفلح } ولا يسعد { الساحر } أي جنس الساحر { حيث أتى } أي حيث كان وأين توجه وأقبل ، وهذا من تمام التعليل .