قوله : { وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ } وها هنا سؤال ، وهو أنه لم{[25515]} يقل وألق عصاك ؟
والجواب : جاز{[25516]} أن يكون تصغيراً لهما ، أي : لا تبالِ بكثرة{[25517]} حِبالِهِمْ وعِصِيهم ، وألق العُوَيد الفرد الصغير الجرم الذي بيمينك ، فإنَّه بقدرة الله يتلقفها{[25518]} على وحدته وكثرتها ، وصغره وعظمها .
وجاز{[25519]} أن يكون تعظيماً لها أي لا تُخيفك هذه{[25520]} الأجرام الكثيرة فإن في يمينك شيئاً أعظم منها كلها ، وهذه{[25521]} على كثرتها أقل شيء عندها ، فألقه يتلقفها بإذن الله ويمحقها{[25522]} . قوله : { تَلْقَفْ } أي : تَلْقَمْ وتبتلع " مَا{[25523]} صَنَعُوا " بسرعة .
قرأ العامة بفتح اللام وتشديد القاف وجزم الفاء{[25524]} على جواب الأمر{[25525]} ، وقد تقدم أن حفصاً يقرأ " تَلْقَفْ " بسكون اللام وتخفيف القاف{[25526]} ، وقرأ ابن ذكوان هنا " تَلَقَّفُ " بالرفع{[25527]} إما على الحال{[25528]} ، وإما على الاستئناف{[25529]} ، وأنّث الفعل في " تَلْقَفْ " حملاً على معنى " ما " لأن معناها العصا{[25530]} ، ولو ذكَّر ذهاباً إلى لفظها لجاز ولم يقرأ به .
وقال أبو البقاء : إنه يجوز أن يكون فاعل " تَلْقَفْ " ضمير موسى{[25531]} فعلى هذا يجوز أن يكون " تَلْقَفْ " في قراء الرفع حالاً من موسى ، وفيه{[25532]} بُعْد{[25533]} . و ( " صَنَعُوا " ههنا : اختلفوا وزّوَرُوا ){[25534]} والعرب تقول في الكذب : هو{[25535]} كلام مصنوع{[25536]} . قوله : { إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ }{[25537]} العامة على رفع " كَيْد " على أنه خبر " إنَّ " و " مَا " موصولة ، و " صَنَعُوا " صلتها ، والعائد محذوف ، والموصول هو الاسم ، والتقدير : إنَّ الذي صنعوه كَيْدَ سَاحِرٍ{[25538]} .
ويجوز أن تكون " مَا " مصدرية فلا{[25539]} حاجة إلى العائد ، والإعراب بحاله والتقدير : ( إنَّ صُنْعَهُمْ ){[25540]} كيدُ ساحر{[25541]} .
( وقرأ مجاهد وحميد وزيد بن عليّ " كَيْدَ " بالنصب على أنه مفعول به و " مَا " مزيدة مهيئة{[25542]} . وقرأ الأخوان : " كَيْدَ سِحْرٍ " {[25543]} على أن ){[25544]} المعنى{[25545]} : كَيْدُ ذُوِي سِحْرٍ{[25546]} ، ( أو جعلوا نفس السحر مبالغةً وتبييناً للكيد ، أي حيلةَ سحر ، لأنه يكون سحراً وغير سحر ){[25547]} كما تميز{[25548]} سائر الأعداد بما يفسره{[25549]} نحو{[25550]} مائة درهم ، وألف دينار ، ومثله علم فقهٍ وعلمُ نحوٍ{[25551]} . وقال أبو البقاء : " كَيْدُ سَاحِرٍ " {[25552]} إضافة المصدر إلى الفاعل ، و " كَيْدُ سِحْرٍ " إضافة الجنس من النوع{[25553]} . والباقون : ( " سَاحِرٍ " {[25554]} ){[25555]} .
وأفرد{[25556]} ساحِراً وإن كان المراد به جماعة ، قال الزمخشري : لأن القصد في{[25557]} هذا الكلام إلى{[25558]} معنى الجنسية لا إلى{[25559]} معنى العدد ( فلو جمع لَخُيِّلَ أنَّ المقصود هو العدد{[25560]} ){[25561]} . وقرئ{[25562]} " سَاحِرَاً " {[25563]} بالنصب على أن " مَا " كافة{[25564]} . ثم قال : { وَلاَ يُفْلِحُ الساحر حَيْثُ أتى } من الأرض . قال ابن عباس : لا يسعد حيث كان . وقيل معناه : حيث احتال{[25565]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.