الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِذۡ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوۡمِهِۦ مَا هَٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيٓ أَنتُمۡ لَهَا عَٰكِفُونَ} (52)

قوله : { إِذْ قَالَ } : يجوزُ أن يكونَ منصوباً ب " آتَيْنا " أو ب " رُشْدَه " أو بعالِمين أو بمضمر أي : اذكر وقت قوله . وجَوَّز أبو البقاء فيه أن يكونَ بدلاً من موضع قبلُ أي : إنه يَحُلُّ مَحَلَّه فيَصِحُّ المعنى ، إذ يصير التقديرُ : ولقد آتَيْناه رُشْدَه إذ قال . وهو بعيدٌ من المعنى بهذا التقديرِ .

قوله : { لَهَا } قيل : اللامُ للعلةِ أي : عاكفون لأجلها . وقيل : بمعنى على أي : عاكفون عليها . وقيل : ضَمَّنَ " عاكفون " معنى عابِدين فلذلك أتى باللام . وقال أبو البقاء : وقيل : أفادت معنى الاختصاصِ . وقال الزمخشري : " لم يَنْوِ للعاكفين محذوفاً " ، وأَجْراه مُجْرى ما لا يَتَعدَّى كقوله : فاعِلون العكوفَ " . قلت : الأَولى أن تكونَ اللامُ للتعليل ، وصلةُ " عاكفون " محذوفة أي : عاكفون عليها لأجلها لا لشيءٍ آخرَ .

والتماثيل : جمع تِمْثال ، وهو الصورةُ المصنوعةُ من رُخامٍ أو نحاسٍ أو خَشَبٍ ، يُشَبَّه بخَلْقِ الآدميِّ وغيرِه من الحيوانات . قال امرؤ القيس :

فيا رُبَّ يومٍ قد لَهَوْتُ وليلةٍ *** بآنِسَةٍ كأنَّها خَطُّ تمثالِ