قوله : { الْقِسْطَ } : في نصب " القِسْطَ " وجهان أحدهما : أنه نعتٌ للموازين ، وعلى هذا : فلِمَ أُفْرِد ؟ وعنه جوابان ، أحدهما : أنه في الأصلِ مصدرٌ ، والمصدر يوحَّد مطلقاً . والثاني : أنَّه على حَذْفِ مضاف . الوجه الثاني : أنه مفعولٌ من أجله أي : لأجلِ القسطِ . إلاَّ أنَّ في هذا نظراً من حيث إن المفعولَ له إذا كان معرَّفاً بأل يَقِلُّ تجرُّده من حرف العلة تقول : جئتُ للإِكرام ، ويَقِلُّ : جئت الإِكرامَ ، كقول الآخر :
لا أَقْعُدُ الجبنَ عن الهَيْجاءِ *** ولو توالَتْ زُمَرُ الأعداءِ
وقرىء " القِصْطَ " بالصاد لأجل الطاء ، وقد تقدم .
قوله : { لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ } في هذه اللام أوجه ، أحدها : قال الزمخشري : " مثلُها في قولك : جِئْتُ لخمسٍ خَلَوْنَ من الشهر ، ومنه بيتُ النابغة .
تَوَهَّمْتُ آياتٍ لها فَعَرَفْتُها *** لستةِ أعوام وذا العامُ سابعُ
والثاني : أنها بمعنى في . وإليه ذهب ابن قتيبة وابن مالك . وهو رأيُ الكوفيين ومنه عندهم :
{ لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ } [ الأعراف : 187 ] وكقول مسكين الدارمي :
أولئك قومي قد مضَوْا لسبيلِهم *** كما قد مضى مِنْ قبلُ عادٌ وتُبَّعُ وكقول الآخر :
وكلُّ أبٍ وابنٍ وإنْ عُمِّرا معاً *** مُقِيْمَيْنِ مفقودٌ لوقتٍ وفاقدُ
والثالث : أنَّها على بابِها مِنَ التعليل ، ولكنْ على حَذْفِ مضاف .
قوله : { شَيْئاً } يجوز أن يكون مفعولاً ثانياً ، وأن يكون مصدراً ، أي : شيئاً من الظلم .
قوله : { مِثْقَال } قرأ نافعٌ هنا وفي لقمان برفع " مِثْقال " على أنَّ " كان " تامة ، أي : وإنْ وُجِد مثقال . والباقون بالنصب على أنَّها ناقصةٌ ، واسمها مضمر أي : وإنْ [ كان ] العملُ . و { مِّنْ خَرْدَلٍ } صفةٌ لحَبَّة .
وقرأ العامَّة " أَتَيْنَا " من الإِتيان بقَصْرِ الهمزة أي : جِئْنا بها ، وكذا قرأ ابن مسعود وهو تفسيرُ معنى لا تلاوة . وقرأ ابنُ عباس ومجاهدٌ وسعيد وابن أبي إسحاق والعلاء بن سيابة وجعفر بن محمدٍ " آتَيْنا " بمدِّ الهمزة وفيها أوجهٌ ، أحدُها : وهو الصحيحُ أنه فاعَلْنا من المؤاتاة وهي المجازاةُ والمكافَأَة . والمعنى : جازَيْنا بها ، ولذلك تَعَدَّى بالباء . الثاني : أنها مُفاعَلَةٌ من الإِتيان بمعنى المجازاة والكافأةِ لأنهم أَتَوْه بالأعمال وأتاهم بالجزاءِ ، قاله الزمخشري . الثالث : أنه أفْعَل من الإِيتاء . كذا توهَّمَ بعضُهم وهو غلطٌ . قال ابن عطية : " ولو كان آتَيْنا أعطينا لَما تعدَّى بحرفِ جرّ . ويُوْهِنُ هذه القراءةَ أنَّ بدلَ الواوِ المفتوحةِ همزةً ليس بمعروفٍ ، وإنما يُعْرَفُ ذلك في المضمومةِ والمكسورة " يعني أنَّه كان مِنْ حَقِّ هذا القارىءِ أَنْ يَقْرَأَ " واتَيْنا " مثل واظَبْنا ؛ لأنها من المُواتاةِ على الصحيح ، فأبدل هذا القارِىءُ الواوَ المفتوحةًَ همزةَ . وهو قليلٌ ومنه أَخَذَ " واتاه " .
وقال أبو البقاء : " ويُقرأ بالمدِّ بمعنى جازَيْنا بها ، فهو يَقْرُبُ مِنْ معنى أَعْطَيْنا ؛ لأنَّ الجزاءَ إعطاءٌ ، وليس منقولاً مِنْ أَتَيْنا ، لأن ذلك لم يُنْقَلْ عنهم .
وقرأ حميد " أَثَبْنا " من الثواب . والضمير في " بها " عائد على المِثْقال ، وأنَّث ضميرَه لإِضافتِه لمؤنث فهو كقوله :
3348 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** كما شَرِقَتْ صدرُ القناةِ من الدَّمِ
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.