البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَٱلَّذِينَ سَعَوۡاْ فِيٓ ءَايَٰتِنَا مُعَٰجِزِينَ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَحِيمِ} (51)

وحصر النذارة لأن المعنى ليس لي تعجيل عذابكم ولا تأخيره عنكم وإنما أنا منذركم به .

وقال الكرماني : التقدير بشير و { نذير } فحذف والتقسيم داخل في المقول ، والسعي الطلب والاجتهاد في ذلك ، ويقال : سعى فلان في أمر فلان فيكون بإصلاح وبإفساد وقد يستعمل في الشر ، يقال : فيه سعى بفلان سعاية أي تحيل ، وكاد في إيصال الشر إليه وسعيهم بالفساد في آيات الله حيث طعنوا فيها فسموها سحراً وشعراً وأساطير الأولين ، وثبطوا الناس عن الإيمان بها .

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والجحدري وأبو السمال والزعفراني معجزّين بالتشديد هنا وفي حرفي سبأ زاد الجحدري في جميع القرآن أي مثبطين .

وقرأ باقي السبعة بألف .

وقرأ ابن الزبير معجّزين بسكون العين وتخفيف الزاي من أعجزني إذا سبقك ففاتك .

قال صاحب اللوامح : لكنه هنا بمعنى معاجزين أي ظانين أنهم يعجزوننا ، وذلك لظنهم أنهم لا يبعثون .

وقيل : في { معاجزين } معاندين ، وأما معجّزين بالتشديد فإنه بمعنى مثبطين الناس عن الإسلام ، ويقال : مثبطين .

وقال الزمخشري : عاجزه سابقه لأن كل واحد منهما في طلب إعجاز الآخر عن اللحاق به ، فإذا سبقه قيل أعجزه وعجزه ، فالمعنى سابقين أو مسابقين في زعمهم وتقديرهم ، طامعين أن كيدهم للإسلام يتم لهم انتهى .

وقال أبو علي الفارسي : معجزين معناه ناسبين أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى العجز كما تقول : فسقت فلاناً إذا نسبته إلى الفسق .

وتقدم شرح أخرى هاتين الجملتين الواردتين تقسيماً .