الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَلَمَّا جَآءَتۡ قِيلَ أَهَٰكَذَا عَرۡشُكِۖ قَالَتۡ كَأَنَّهُۥ هُوَۚ وَأُوتِينَا ٱلۡعِلۡمَ مِن قَبۡلِهَا وَكُنَّا مُسۡلِمِينَ} (42)

قوله : { أَهَكَذَا } : فَصَلَ بحرفِ الجرِّ بينَ حرفِ التنبيهِ واسمِ الإِشارةِ . والأصلُ : أكهذا أي : أَمِثْلُ هذا عرشُكِ ؟ ولا يجوزُ ذلك في غير الكافِ ، لو قلت : أبهذا مَرَرْتَ ، وأَلِهذا فعلتَ ، لم يَجُزْ أن يُفْصَلَ بحرفِ الجرِّ بين " ها " و " ذا " فتقول : أها بِذا مَرَرْتَ ، وأها لِذا فَعَلْتَ .

قوله : { وَأُوتِينَا الْعِلْمَ } فيه وجهان ، أحدُهما : أنه مِنْ كلامِ بلقيسَ . والضميرُ في " قَبْلِها " راجعٌ للمعجزةِ والحالةِ الدالِّ عليهما السياقُ . والمعنى : وأُوتيِنا العلمَ بنبوةِ سليمانَ من قبلِ ظهورِ هذه المعجزةِ ، أو من هذه الحالةِ ؛ وذلك لِما رأَتْ قبلَ ذلك من أمرِ الهُدْهُدِ ورَدِّ الهديةِ . والثاني : أنه من كلامِ سليمانَ وأتباعِه ، فالضميرُ في " قَبْلِها " عائدٌ على بلقيسَ .