الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّهُۥٓ أَنَا ٱللَّهُ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (9)

قوله : { إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ } : في اسمِ " إنَّ " وجهان ، أظهرهما : أنه ضميرُ الشأن . و { أَنَا اللَّهُ } مبتدأ وخبرُه ، و { الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } صفتان لله . والثاني : أنه ضميرٌ راجعٌ إلى ما دلَّ عليه ما قبله ، يعني : أنَّ مُكَلِّمَكَ أنا ، و " الله " بيانٌ ل " أنا " . واللهُ العزيزُ الحكيمُ صفتان للبيانِ . قاله الزمخشري . قال الشيخ : " وإذا حُذِفَ الفاعلُ وبُنِيَ الفعلُ للمفعولِ فلا يجوزُ أَنْ يعودَ الضميرُ على ذلك/ المحذوفِ ، إذ قد غُيِّرَ الفعلُ عن بنائِه له . وعُزِمَ على أَنْ لا يكونَ مُحَدَّثاً عنه ، فَعَوْدُ الضميرِ إليه مِمَّا يُنافي ذلك ؛ إذ يصيرُ مُعْتَنَىً به " .

قلت : وفيه نظرٌ ؛ لأنَّه قد يُلْتَفَتُ إليه . وقد تقدَّم ذلك في قوله في البقرة :

{ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ } [ الآية : 178 ] ثم قال : " وأداءٌ إليه " قيل : أي : الذي عفا ، وهو وليُّ الدمِ ، على ما تقدَّم تحريره . ولَئِنْ سُلِّم ذلك فالزمخشريُّ لم يَقُلْ : إنه عائدٌ على ذلك الفاعلِ ، إنما قال : راجعٌ إلى ما دَلَّ عليهِ ما قبلَه ، يعني مِن السِّياقِ .

وقال أبو البقاء : " ويجوزُ أَنْ يكونَ ضميرَ " رَبّ " أي : إنَّ الرَّبَّ أنا الله ، فيكون " أنا " فَصْلاً ، أو توكيداً ، أو خبراً إنَّ ، واللهُ بدلٌ منه " .