الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَٱلَّذِينَ سَعَوۡ فِيٓ ءَايَٰتِنَا مُعَٰجِزِينَ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٞ مِّن رِّجۡزٍ أَلِيمٞ} (5)

قوله : { أَلِيمٌ } : قرأ ابن كثير وحفص هنا ، وفي الجاثية ، " أليمٌ " بالرفع . والباقون بالخفض . فالرفعُ على أنه نعتٌ ل " عذاب " والخفضُ على أنه نعتٌ ل " رِجْز " إلاَّ أن مكيَّاً ضَعَّفَ قراءةَ الرفعِ واستبعدها قال : " لأنَّ الرِّجْزَ هو العذابُ فيصير التقديرُ : عذابٌ أليمٌ مِنْ عذاب ، وهذا معنى غيرُ متَمكِّنٍ " . قال : " والاختيارُ خفضُ " أليم " لأنه أصَحُّ في التقدير والمعنى ؛ إذ تقديرُه : لهم عذاب مِنْ عذاب أليم ، أي :هذا الصنفُ مِنْ أصنافِ العذابِ لأنَّ العذابَ بعضُه آلمُ مِنْ بعض " . قلت : وقد أُجيبَ عَمَّا قاله مكيٌّ : بأنَّ الرِّجْزَ مُطلق العذاب ، فكأنه قيل لهم : هذا الصنفُ من العذابِ من جنسِ العذاب . وكأن أبا البقاءِ لَحَظَ هذا حيث قال : " وبالرفعِ صفةً ل عذاب ، والرِّجْزُ مُطْلَقُ العذابِ " .

قوله : " والذين سَعَوْا " يجوز فيه وجهان ، أظهرهما : أنها مبتدأٌ و " أولئك " وما بعده خبرُه . والثاني : أنه عطفٌ على الذين قبلَه أي : ويَجْزي الذين سَعَوْا ، ويكون " أولئك " الذي بعده مستأنفاً ، و " أولئك " الذي قبله وما في حَيِّزه معترضاً بين المتعاطفَيْن .