قوله : { أَفْتَرَى } : هذه همزةُ استفهامٍ . وحُذِفَتْ لأجلها همزةُ الوصل ، فلذلك تَثْبُتُ هذه الهمزةُ وصلاً وابتداءً . وبهذه الآيةِ استدلَّ الجاحظُ على أنَّ الكلامَ ثلاثةُ أقسامٍ : صدقٍ ، كذبٍ ، لا صدقٍ ولا كذبٍ . ووَجْهُ الدلالةِ منه على القسمِ الثالث أنَّ قولَه : { أَم بِهِ جِنَّةٌ } لا جائزٌ أن يكون كذباً لأنه قسيمُ الكذبِ ، وقسيمُ الشَيءِ غيرُه ، ولا جائزٌ أن يكون صِدْقاً لأنهم لم يعتقدوه ، فثبت قسمٌ ثالث . وقد أجيب عنه بأن المعنى : أم لم يَفْتَرِ . ولكن عَبَّر عن هذا بقولهم { أَم بِهِ جِنَّةٌ } لأن المجنونَ لا افتراءَ له .
والظاهرُ في " أم " هذه متصلةٌ ؛ لأنها تتقدَّرُ بأي الشيئين . ويجابُ بأحدِهما ، كأنه قيل : أيُّ الشيئين واقعٌ : افتراؤه الكذبَ أم كونُه مجنوناً ؟ ولا يَضُرُّكونُها بعدها جملةٌ ؛ لأنَّ الجملةَ بتأويلِ المفردِ كقوله :
/3721 لا أُبالي أَنَبَّ بالحَزْنِ تَيْسٌ *** أم جفاني بظهرِ غَيْبٍ لئيمُ
3722 لَعَمْرُك ما أدْري وإنْ كنتُ دارياً *** شُعَيْثُ ابن سَهْمٍ أم شُعَيْثُ ابنُ منقرِ
" ابن منقر " خبرٌ ، لا نعت . كذا أنشده بعضُهم مستشهداً على أنها جملةٌ ، وفيه حَذْفُ التنوين مِمَّا قبل " ابن " وليس بصفةٍ . وقد عَرَفْتَ ما أَشَرْتُ إليه هنا من سورة التوبة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.