الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَمِنۡهُم مَّن يَسۡتَمِعُ إِلَيۡكَ حَتَّىٰٓ إِذَا خَرَجُواْ مِنۡ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ مَاذَا قَالَ ءَانِفًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُمۡ} (16)

قوله : { آنِفاً } : فيه وجهان ، أحدهما : أنه منصوبٌ على الحالِ ، فقدَّره أبو البقاء : " ماذا قال مُؤْتَنِفا " . وقَدَّره غيرُه : مُبْتَدِئاً أي : ما القولُ الذي ائْتَنَفه الآن قبلَ انفصالِه عنه . والثاني : أنه منصوبٌ على الظرفِ أي : ماذا قال الساعةَ ، قاله الزمخشري . وأنكره الشيخ قال : " لأنَّا لم نعلَمْ أحداً عَدَّه من الظروف " . واختلفَتْ عبارتُهم في معناه : فظاهرُ عبارةِ الزمخشري أنه ظرفٌ حاليٌّ ك الآن ، ولذلك فَسَّره بالساعة . وقال ابن عطية : " والمفسِّرون يقولون : آنِفاً معناه الساعةُ الماضيةُ القريبةُ منَّا وهذا تفسيرٌ بالمعنى " .

وقرأ البزيُّ بخلافٍ عنه " أَنِفاً " بالقصرِ . والباقون بالمدِّ ، وهما لغتان بمعنىً واحدٍ ، وهما اسما فاعِل ك حاذِر وحَذِر ، وآسِن وأَسِن ، إلاَّ أنَّه لم يُسْتعمل لهما فِعْلٌ مجردٌ ، بل المستعملُ ائْتَنَفَ يَأْتَنِفُ ، واسْتَأْنف يَسْتأنف . والائْتِنافُ والاسْتِئْناف : الابتداء . قال الزجَّاج : " هو مِنْ اسْتَأْنَفْتُ الشيءَ إذا ابتدَأْتَه أي : ماذا قال في أولِ وقتٍ يَقْرُب مِنَّا " .