الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فِي مَقۡعَدِ صِدۡقٍ عِندَ مَلِيكٖ مُّقۡتَدِرِۭ} (55)

قوله تعالى { فِي مَقْعَدِ } يجوزُ أَنْ يكونَ خبراً ثانياً ، وهو الظاهرُ وأَنْ يكون حالاً من الضمير في الجارِّ لوقوعِه خبراً . وجَوَّز أبو البقاء أَنْ يكونَ بدلاً مِنْ قولِه " في جنات " وحينئذٍ يجوزُ أَنْ يكونَ بدلَ بعضٍ ، لأن المقعدَ بعضُها ، وأَنْ يكون اشتمالاً أنها مشتمِلَةٌ ، والأولُ أظهرُ ، والعامَّةُ على إفراد " مَقْعَد " مُراداً به الجنس كما تقدَّم في " نَهَر " . وقرأ عثمان البتِّي " مقاعِدِ " وهو مناسبٌ للجمع قبلَه . ومَقْعَدُ صِدْقِ من بابِ رجلُ صدقٍ : في أنه يجوزُ أنْ يكون من إضافةِ الموصوف لصفتِه . والصدقُ يجوزُ أَنْ يُرادَ بهِ ضدُّ الكذبِ ، أي : صُدِّقوا في الإِخبار به ، وأَنْ يرادَ به الجَوْدَةُ والخيريَّةُ .

و " مليك " مثلُ مبالغةٍ وهو مناسِبٌ هنا ، ولا يُتَوهَّمُ أنَّ أصلَه مَلِك لأنه هو الوارِدُ في غيرِ موضعٍ ، وأنَّ الكسرةَ أُشْبِعَتْ فتولَّد منها ياءٌ ؛ لأنَّ الإِشباعَ لم يَرِدْ إلاَّ ضرورةً أو قليلاً ، وإنْ كان قد وقع في قراءةِ هشام " أَفْئِيدَةً " في آخر إبراهيم ، وهناك يطالعَ ما ذكَرْتُه فيه .