الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{أَلَّا تَطۡغَوۡاْ فِي ٱلۡمِيزَانِ} (8)

قوله : { أَلاَّ تَطْغَوْاْ } : في " أنْ " هذه وجهان ، أحدُهما : أنَّها الناصبةُ ، و " لا " بعدها نافيةٌ ، و " تَطْغَوْا " منصوبٌ ب " أنْ " ، وأنَّ قبلَها لامَ العلةِ مقدرةً ، تتعلَّقُ بقولِه : " ووَضَع الميزانَ " التقدير : لئلا تَطْغَوا ، وهذا بَيِّنٌ . وأجاز الزمخشريُّ وابنُ عطية أَنْ تكونَ المفسِّرَةَ ، وعلى هذا تكونُ " لا " ناهيةً والفعلُ مجزومٌ بها . إلاَّ أنَّ الشيخَ رَدَّه : بأنَّ شَرْطَها تقدُّمُ جملةٍ متضمنةٍ لمعنى القول ، وليسَتْ موجودةً . قلت : وإلى كونِها مفسِّرةً ذهبَ مكي وأبو البقاء : إلاَّ أنَّ أبا البقاءِ كأنَّه تَنَبَّه للاعتراضِ فقال : " وأَنْ بمعنى أَيْ ، والقولُ مقدَّرٌ " ، فجعل الشيءَ المفسَّرَ ب " أَنْ " مقدَّراً لا ملفوظاً بها ، إلاَّ أنه قد يُقال : قولُه/ " والقولُ مقدَّرٌ " ليس بجيدٍ ، لأنها لا تُفَسِّرُ القولَ الصريحَ ، فكيف يُقَدِّر ما لا يَصِحُّ تفسيرُه ؟ فإِصْلاحُه أَنْ يقولَ : وما هو بمعنى القول مقدرٌ .