السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَلَّا تَطۡغَوۡاْ فِي ٱلۡمِيزَانِ} (8)

{ أن } أي : لأجل أن { لا تطغوا } أي : تتجاوزوا الحدود { في الميزان } فمن قال : الميزان العدل قال : طغيانه الجور ؛ ومن قال : إنه الميزان الذي يوزن به قال : طغيانه البخس قال ابن عباس : لا تخونوا من وزنتم له . وعنه أنه قال : يا معشر الموالي وليتم أمرين بهما هلك الناس المكيال والميزان ومن قال : إنه الحكم قال : طغيانه التحريف . وقيل فيه إضمار أي : وضع الميزان وأمركم أن لا تطغوا فيه .

فإن قيل : إذا كان المراد به ما يوزن به فأيّ نعمة عظيمة فيه حتى يعدّ في الآلاء ؟ أجيب : بأنّ النفوس تأبى الغبن ولا يرضى أحد أن يغلبه غيره ولو في الشيء اليسير ، ويرى أنّ ذلك استهانة به فلا يترك خصمه يغلبه فوضع الله تعالى معياراً بيّن به التساوي ولا تقع به البغضاء بين الناس وهو الميزان ، وهو كل ما توزن به الأشياء بين الناس ، ويعرف مقاديرها به من ميزان ومكيال ومقياس ، فهو نعمة كاملة ولا ينظر إلى عدم ظهور نعمته وكثرته وسهولة الوصول إليه كالهواء والماء اللذين لا يتبين فضلهما إلا عند فقدهما .