الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{لَّا تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِيرَتَهُمۡۚ أُوْلَـٰٓئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡإِيمَٰنَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٖ مِّنۡهُۖ وَيُدۡخِلُهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ أُوْلَـٰٓئِكَ حِزۡبُ ٱللَّهِۚ أَلَآ إِنَّ حِزۡبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (22)

قوله : { يُوَآدُّونَ } : هو المفعولُ الثاني ل { تَجِدُ } ، ويجُوز أَنْ تكونَ المتعديةَ لواحدٍ بمعنى صادَفَ ولقي ، فيكون { يوادُّون } حالاً أو صفةً ل { قوماً } ، والواوُ في { ولو كانوا } حاليةٌ ، وتقدم تحريرُه غيرَ مرة . وقدَّم أولاً الآباءَ لأنهم تجبُ طاعتُهم على أبناءِهم ، ثم ثّنَّى بالأبناءِ لأنهم أَعْلَقُ بالقلوب وهم حَبَّاتُها :

فإنما أَوْلادُنا بَيْنَا *** أكبادُنا تَمْشِي على الأرضِ

الأبياتُ المشهورة في الحماسةِ ، ثَلَّثَ بالإِخوان لأنهم هم الناصرُون بمنزلة العَضُدِ من الذِّراع . قال :

أخاك أخاك إنَّ مِنْ لا أخا له *** كساعٍ إلى الهَيْجا بغيرِ سلاحِ

وإنَّ ابنَ عمِّ المَرْءِ فاعْلَمْ جناحُه *** وهل ينهَضُ البازي بغير جَناح ؟

ثم رَبَّع بالعشيرةِ ، لأنَّ بها يسْتغاثُ ، وعليها يُعْتمد . قال :

لا يَسْألون أخاهم حين يَنْدُبُهُم *** في النائباتِ على ما قال بُرْهانا

وقرأ أبو رجاء { عشيراتِهم } بالجمع ، كما قرأها أبو بكر في التوبة كذلك . وقرأ العامَّةُ { كَتَبَ } مبنياً للفاعل وهو اللَّهُ تعالى ، { الإِيمانَ } نصباً وأبو حيوةَ وعاصمٌ في رواية المفضل " كُتِبَ " مبنياً للمفعول ، { الإِيمانُ } رفعٌ به . والضميرُ في{ منه }للَّهِ تعالى . وقيل : يعودُ على الإِيمان ؛ لأنه رُوحٌ يَحْيا به المؤمنون في الدارَيْنِ .