الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{۞وَلَهُۥ مَا سَكَنَ فِي ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (13)

قوله تعالى : { وَلَهُ مَا سَكَنَ } : جملة من مبتدأ وخبر ، وفيها قولان ، أظهرهما : أنها استئناف إخبار بذلك . والثاني : أنها في محل نصب نسقاً على قوله " لله " أي على الجملة المحكية ب قل أي : قل : هو لله وقل : له ما سكن . و " ما " موصولة بمعنى الذي ، ولا يجوز غيرُ / ذلك . و " سَكَنْ " قيل : معناه ثبت واستقر ، ولم يذكر الزمخشري غيره . وقيل : هو مِنْ سَكَن مقابل تَحَرَّك ، فعلى الأول لا حَذْفَ في الآية الكريمة ، قال الزمخشري : " وتَعَدِّيه ب في كما في قوله : { وَسَكَنتُمْ فِي مَسَكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ } [ إبراهيم : 45 ] . ورجَّح هذا التفسيرَ ابن عطية . وعلى الثاني اختلفوا ، فمنهم مَنْ قال : لا بد من محذوفٍ لفهم المعنى ، وقدَّر ذلك المحذوفَ معطوفاً فقال : تقديره : وله ما سكن وما تحرك ، كقوله في موضع آخر : { تَقِيكُمُ الْحَرَّ } [ النحل : 81 ] أي : والبرد ، وحَذْفُ المعطوف فاشٍ في كلامهم ، وأنشد :

كأنَّ الحصى مِنْ خلفِها وأمامِها *** إذا نَجَلَتْهُ رِجْلُها خَذْفُ أَعْسَرا

فما كان بين الخيرِ لو جاء سالماً *** أبو حُجُرٍ إلا ليلٍ قلائلُ

يريد : رجلها ويدها ، وبين الخير وبيني . ومنهم مَنْ قال : لا حَذْفَ ؛ لأنَّ كل متحرك قد يُسَكَّن . وقيل : لأن المتحرك أقلُّ والساكن أكثر ، فلذلك أوثر بالذكر .