قوله : " ولَهُ مَا سَكَن " : جملة من مُبْتَدَأ وخبر ، وفيها قولان :
أظهرهما : أنها اسْتِئْنَافُ إخبار بذلك .
والثاني : أنها في مَحَلّ نَصْبٍ نَسَقاً على قوله : " الله " ، أي : على الجملة المَحْكيَّةِ ب " قل " أي : قل : هو لله ، وقل : له ما سَكَنَ .
و " ما " موصولة بمعنى " الذي " ، ولا يجوز غَيْرُ ذلك .
و " سَكَنَ " قيل : معناه ثَبَتَ واسْتَقَرَّ ، ولم يذكر الزمخشري غيره{[13355]} .
كقولهم : فلان يسكنُ بَلْدَة كذا ، ومنه قوله تبارك وتعالى { وَسَكَنتُمْ فِي مَسَكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُم } [ إبراهيم :45 ] .
وقيل : هو مِنْ " سَكَنَ " مقابل " تَحَرَّك " ، فعلى الأوَّل لا حذف في الآية الكريمة .
قال الزمخشري{[13356]} : وتعدِّيه ب " في " كما في قوله : { وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُم } [ إبراهيم :45 ] . ورجَّح هذا التفسير{[13357]} ابن عطية{[13358]} .
وعلى الثَّاني اخْتَلَفُوا ، فمنهم من قال : لا بُدَّ من محذوفٍ لِفَهْمِ المعنى ، وقدَّر ذلك المحذوف معْطُوفاً ، فقال : تقديره : وله ما سَكَنَ وما تحرك ، كقوله في موضع آخر : { تَقِيكُمُ الْحَرَّ }
[ النحل :81 ] أي : والبَرْد وحذف المعطوف فاشٍ في كلامهم ، وأنشد القائل في ذلك :
كَأنَّ الحَصَى مِنْ خَلْفِهَا وَأمَامِهَا *** وإذَا نَجَلَتْهُ رِجْلُهَا خَذْفُ أعْسَرَا{[13359]}
فَمَا كَانَ بَيْنَ الخَيْرِ لَوْ جَاءَ سَالِماً *** أبُو حُجُرٍ إلاَّ لَيَالٍ قَلاَئِلُ{[13360]}
يريد : رِجْلَهَا ويدها ، وبين الخير وبيني .
ومنهم من قال : لا حَذْفَ ؛ لأنَّ كُلَّ متحرك قد يسكن .
وقيل : لأنَّ المُتَحرِّكَ أقَلُّ ، والساكن أكثرُ ، فلذلك أوثِرَ بالذِّكْرِ .
وقيل : إنما خصَّ السُّكون بالذِّكْرِ ، لأن النعمة فيه أكثر .
قال أبو مسلم : وجه نَظْمَ الآية الكريمة أنه -تبارك وتعالى- ذَكَرَ في الآية الأولى : السماوات والأرضَ ؛ إذ لا مكانَ سِوَاهُمَا ، وفي هذه الآية الكريمة ذكر الليل والنَّهار ، إذ لا زمان سواهما ، فالزَّمَان والمكان ظرفان للمحدثات ، فأخبر -تبارك وتعالى- أنه مَالِكٌ للمكان والمَكَانِيَّاتِ ، ومالك للزَّمانِ والزَّمانِيَّاتِ{[13361]} .
قال محمد بن جرير{[13362]} : كُلُّ ما طلعت عليه الشَّمْسُ وغَرَبَتْ ، فهو من مَسَاكن اللَّيل والنَّهَار ، والمراد جميع ما في الأرض .
وقيل : مَعْنَاه له ما يمرُّ عليه اللَّيْلُ والنَّهَارُ ، وهو السميعُ لأصواتهم ، العَلِيمُ بأسْرَارِهِمْ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.