الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعۡنَآ إِلَى ٱلۡمَدِينَةِ لَيُخۡرِجَنَّ ٱلۡأَعَزُّ مِنۡهَا ٱلۡأَذَلَّۚ وَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (8)

قوله : { لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ } : قراءةُ العامَّةُ بضمِّ الياءِ وكسرِ الراءِ ، مسْنداً إلى " الأعزُّ " ، و " الأذلَّ " مفعولٌ به ، والأعزُّ بعض المنافقين على زعمه . وقرأ الحسن وابن أبي عبلة والمسيبيُّ " لَنُخْرِجَنَّ " بنون العظمة وبنصبِ " الأعَزَّ " على المفعول به ونصبِ الأذلّ على الحالِ ، وبه استشهد مَنْ جَوَّز تعريفَها . والجمهورُ جَعلوا أل مزيدةً على حَدِّ :

فَأَرْسَلَها العِراكَ . . . . . . . . . *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وادخلوا الأَوَّلَ فالأَوَّلَ . وجَوَّز أبو البقاء أَنْ يكونَ منصوباً على المفعول به ، وناصبُه حالٌ محذوفةٌ ، أي : مُشْبِهاً الأذلَّ . وقد خَرَّجَه الزمخشريُّ على حَذْفِ مضافٍ ، أي : خروجَ الأذلِّ ، أو إخراجَ الأذَلِّ ، يعني بحسَبِ القراءتَيْن : مِنْ خَرَجَ وأَخْرَجَ . فعلى هذا ينتصبُ على المصدرِ لا على الحالِ . ونَقَلَ الدانيُّ عن الحسن أيضاً/ " لنَخْرُجَنَّ " بفتح نونِ العظمة وضمِّ الراء ونصبِ " الأعزَّ " على الاختصاصِ كقولهم : " نحن العربَ أَقْرى الناس للضيفِ " ، و " الأذلَّ " نصبٌ على الحالِ أيضاً ، قاله الشيخ ، وفيه نظرٌ كيف يُخْبرون عن أنفسِهم : بأنهم يَخْرُجون في حالِ الذُّلِّ مع قولهم الأعزّ ، أي : أخصُّ الأعزَّ ، ويَعْنُون بالأعزِّ أنفسَهم ؟ وقد حكى هذه القراءةَ أيضاً أبو حاتمٍ ، وحكى الكسائي والفراء أنَّ قوماً قرؤوا " ليَخْرُجَنَّ " بفتح الياء وضم الراء ورفع " الأعزُّ " فاعلاً ونصب الأول حالاً وهي واضحةٌ . وقُرِىء ليُخْرَجَنَّ بالياء مبنياً للمفعول " الأعزُّ " قائماً مَقام الفاعل ، " الأذلَّ " حالٌ أيضاً .