الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖ وَمِنَ ٱلۡأَرۡضِ مِثۡلَهُنَّۖ يَتَنَزَّلُ ٱلۡأَمۡرُ بَيۡنَهُنَّ لِتَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدۡ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عِلۡمَۢا} (12)

قوله : { مِثْلَهُنَّ } : العامَّةُ بالنصب ، وفيه وجهان ، أحدُهما : أنه عطفٌ على " سَبْعَ سماواتٍ " قاله الزمخشري . واعترض الشيخُ بلزومِ الفَصْلِ بين حرفِ العطفِ ، وهو على حرفٍ واحدٍ ، وبين المعطوفِ بالجارِّ والمجرورِ ، وهو مختصٌّ بالضرورةِ عند أبي عليّ . قلت : وهذا نظيرُ قولِه : { آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً } [ البقرة : 201 ] عند ابنِ مالك ، وقد تقدَّم تحريرُ هذا الخلافِ في البقرة والنساء وهود عند قولِه :

{ وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ } [ النساء : 58 ] ، { وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ }

[ هود : 71 ] .

والثاني : أنه منصوبٌ بمقدَّر بعد الواوِ ، أي : وخَلَق مثلَهُنَّ من الأرضِ . واختلف الناس في المِثْلِيَّة ، فقيل : مِثْلُها في العدد . وقيل : في بعض الأوصاف فإنَّ المِثْلِيَّةَ تَصْدُقُ بذلك ، والأول هو المشهورُ . وقرأ عاصم في رواية " مثلُهُنَّ " بالرفع على الابتداء والجارُّ قبلَه خبرُه .

قوله { يَتَنَزَّلُ } يجوزُ أَنْ يكونَ مستأنفاً ، وأن يكونَ نعتاً لِما قبله ، وقاله أبو البقاء . وقرأ أبو عمروٍ في روايةٍ وعيسى " يُنَزِّل " بالتشديد ، أي : الله ، " الأمر " مفعولٌ به ، والضميرُ في " بينهنَّ " عائد على السماوات والأرضين عند الجمهور ، أو على السماوات والأرض عند مَنْ يقولُ : إنها أرضٌ واحد .

قوله : { لِّتَعْلَمُواْ } متعلقٌ ب " خَلَقَ " أو ب " يَتنزَّل " والعامَّةُ " لتعلَموا " خطاباً ، وبعضُهم بياء الغَيْبة .