قوله : { إِذَا طَلَّقْتُمُ } : فيه أوجهٌ ، أحدُها : أنه خطابٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ الجمع تعظيماً كقوله :
فإنْ شِئْتِ حَرَّمْتُ النساءَ سواكمُ *** وإن شِئْتِ لم أَطْعَمْ نُقاخاً ولا بَرْدا
/ الثاني : أنه خطابٌ له ولأمَّته والتقدير : يا أيها النبيُّ وأمَّتَه إذا طلَّقْتُمْ فحذف المعطوفَ لدلالةِ ما بعده عليه ، كقوله :
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** إذا حَذْفَتْه رِجْلُها . . . . . . . . . . . . . . . .
أي ، ويَدُها ، وتقدَّم هذا في سورة النحل عند { تَقِيكُمُ الْحَرَّ } [ النحل : 81 ] . الثالث : أنه خطابٌ لأمَّتِه فقط بعد ندائِه عليه السلام ، وهو مِنْ تلوينِ الخطابِ خاطبَ أمتَه بعد أَنْ خاطبه . الرابع : أنَّه على إضمارِ قول ، أي : يا أيها النبيُّ قُلْ لأمتك : إذا طلَّقتْم . الخامس : قال الزمخشري : " خصَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالنداء وعَمَّ بالخطابِ ؛ لأنَّ النبيَّ إمامُ أمَّتِه وقُدْوَتُهم ، كما يُقال لرئيس القومِ وكبيرِهم : يا فلانُ افعلوا كيتَ وكيتَ اعتباراً بتقدُّمِه وإظهاراً لترؤُّسه " في كلامٍ حسنٍ ، وهذا هو معنى القولِ الثالثِ الذي قَدَّمْتُه .
وقوله : { إِذَا طَلَّقْتُمُ } ، أي : إذا أَرَدْتُمْ كقولِه : { إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ }
[ المائدة : 6 ] { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ } [ النحل : 98 ] وتقدَّم تحقيقُ ذلك .
قوله : { لِعِدَّتِهِنَّ } قال الزمخشري : " مُسْتَقْبِلاتٍ لِعِدَّتهن ، كقولِك : " أتيتُه لِلَيْلَةٍ بَقِيَتْ من المحرَّم " ، أي : مُسْتقبلاً لها ، وفي قراءةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم " في قُبُل عِدَّتِهِنَّ " انتهى . وناقشه الشيخ في تقديره الحالَ التي تَعلَّق بها الجارُّ كوناً خاصاً . وقال : " الجارُّ إذا وقع حالاً إنما يتعلَّق بكونٍ مطلقٍ " وفي مناقَشَتِه نظرٌ لأنَّ الزمخشري لم يَجْعَل الجارَّ حالاً بل جَعَلَه متعلِّقَاً بمحذوف دَلَّ عليه معنى الكلامِ . وقال أبو البقاء : " لِعِدَّتِهِنَّ ، أي : عند أول ما يُعْتَدُّ لهنَّ به ، وهُنَّ في قُبُل الطُّهْر " وهذا منه تفسيرُ معنى لا تفسيرُ إعرابٍ . وقال الشيخ : " هو على حَذْفِ مضاف ، أي : لاستقبالٍ عِدَّتِهِن ، واللامُ للتوقيت نحو : لَقِيْتُه لِلَيْلَةٍ بَقِيْتَ مِنْ شهرِ كذا " انتهى . فعلى هذا تتعلَّقُ اللامُ ب " طَلِّقُوهن " .
قولِه : { لَعَلَّ اللَّهَ } هذه الجملةُ مستأنفةٌ لا تعلُّقَ بما لها بما قبلَها ؛ لأنَّ النحاةَ لم يَعُدُّوها في المُعلِّقات . وقد جَعَلَها الشيخ . مِمَّا يَنْبغي أَنْ يُعَدَّ فيهنَّ ، وقَرَّر ذلك في قوله : { وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ } [ الأنبياء : 111 ] فهناك يُطْلَبُ تحريرُه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.