الآية12 : وقوله تعالى : { الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن } اختلفوا في قوله : { ومن الأرض } : منهم من قال : { مثلهن } أي طباقا مثل السماوات : بعضها طبقا فوق بعض . وبعضهم من قال : { مثلهن } يعني سبع جزائر على مثل ما قال : { سبعة أبحر } [ لقمان : 27 ] فكذلك خلق سبع جزائر . ومنهم من قال : خلق هذه الأرض التي نشاهدها على حد السماء ومقدارها ، والست من وراء هذه السماء ، والله أعلم .
وليس بنا إلى تعرف ماهيتها وكيفيتها وعددها حاجة لأنه ليس في تعريفها حكم يتعلق به ، والله اعلم .
وقوله تعالى : { يتنزل الأمر بينهن } له تأويلان :
أحدهما : يتنزل الوحي بينهن ، وما ينزل الله تعالى من الكتب والرسل بينهن . ومعناه أن الله تعالى ذكر أمة محمد عليه الصلاة والسلام أنهم لم يخصوا بمحنة الرسل والكتب والوحي ، بل كل من في السماوات والأرض ممتحن بذلك .
والثاني : { يتنزل الأمر بينهن } يعني التكوين . ووجه ذلك أنه لا يخلو مكان في السماوات والأرض في كل وقت من كون ، يكونه الله تعالى ، أو محدث يحدثه ، وذلك قوله : { إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون } ( النحل : 40 ) فيجوز أن يكون المراد في قوله : { يتنزل الأمر بينهن } أمر تكوين . ومعناه ما وصفنا ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { لتعلموا أن الله على كل شيء قدير } أي لكي تعلموا إذا تفكّرتم في خلق السماوات والأرض وما جرى من التدبير فيهما أن من بلغت قدرته هذا المبلغ كانت قدرته ذاتية ، لا يعجزه شيء عما أراده . أو يدل هذا التدبير أنه خرج عن عالم ، لا يخفى عليه شيء ، والله اعلم .
ثم قوله تعالى : { لتعلموا أن الله على كل شيء قدير } يحتمل أوجها :
أحدها : أن الله تعالى على خلق فعل كل فاعل من خلائقه قدير . ووجه ذلك أن الله تعالى قد كان أعلمهم بخلق السماوات والأرضيين بقوله : { الله الذي خلق سبع سماوات } فلما قال : { لتعلموا أن الله على كل شيء قدير } لم يكن بد من أن يكون هذا في غير خلق السماوات و الأرضيين . فثبت أن فيه دلالة قدرته على خلق فعل كل مخلوق ، لأنه لما بلغت قدرته وتدبيره في السماوات والأرضيين مع عظم أمرهما وشأنهما ومع عجز البشر عن تدبير مثلهما ، فلأن تبلغ قدرته في ما يقع فيه تدبير البشر ، وهو أفعالهم أحق ، والله المستعان .
ووجه آخر أن يقول : { لتعلموا أن الله على كل شيء قدير } بما وعد ، وأوعد ، قدير ، أو على كل شيء من منافع العباد ومضارهم قدير .
وعلى قول [ المعتزلة ]{[21531]} : إن الله ، لا يقدر على فعل بعوضة فما فوقها ، ولا يقدر على إصلاح أحد من خلقه ، وإن نفد جميع خزائنه ، وإن من صلح فإنما يصلح بنفسه ومن فسد [ فإنما يفسد ]{[21532]} بنفسه .
وهذا اختلاف ما وصفه الله تعالى به نفسه من أنه على كل شيء قدير .
وقوله تعالى : { وأن الله قد أحاط بكل شيء علما } يعني أن علمه ، لا يشذّ عن شيء ، ولا يخفى عليه شيء من الفعل والأمر وغيره ، والله أعلم
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.