الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ ٱلۡغَيۡظِۖ كُلَّمَآ أُلۡقِيَ فِيهَا فَوۡجٞ سَأَلَهُمۡ خَزَنَتُهَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ نَذِيرٞ} (8)

قوله : { تَمَيَّزُ } : هذه قراءةُ العامَّةِ بتاءٍ واحدةٍ مخففةٍ . والأصلُ : تتميَّزُ بتاءَيْن ، وبها قرأ طلحةُ والبزيُّ عن ابنِ كثير بتشديدها ، أدغم إحدى التاءَيْن في الأخرى ، وهي قراءةٌ حسنةٌ لعدمِ التقاء ساكنين ، بخلافِ قراءتِه { إِذْ تَلَقَّوْنَهُ } [ النور : 15 ] و { نَاراً تَلَظَّى } [ الليل : 14 ] وبابِه . وأبو عمرو يُدْغِمُ الدالَ في التاءِ على أصلِه في المتقارَبيْنِ . وقرأ الضحاك " تمايَزُ " والأصل : تتمايَزُ بتاءَيْن فَحَذَفَ إحداهما . وزيد بن علي " تَمِيْزُ " مِنْ ماز ، وهذا كلُّهُ استعارةٌ مِنْ قولِهم : تميَّز فلان من الغيظِ أي : انفصلَ بعضُه من بعض من الغيظ ف " مِنْ " سببيَّةٌ أي : بسببِ الغَيْظِ . ومثلُه [ قولُ الراجزِ ] في وصف كَلْبٍ اشتدَّ عَدْوُه :

يكادُ أَنْ يخرجَ مِنْ إهابِهْ ***

قوله : { كُلَّمَا أُلْقِيَ } قد تقدَّم الكلامُ على " كلما " . وهذه الجملةُ يجوزُ أَنْ تكونَ حالاً مِنْ ضميرِ جهنَّم .