تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ ٱلۡغَيۡظِۖ كُلَّمَآ أُلۡقِيَ فِيهَا فَوۡجٞ سَأَلَهُمۡ خَزَنَتُهَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ نَذِيرٞ} (8)

الآية 8 وقوله تعالى : { وهي تفور } { تكاد تميز من الغيظ } أي تغلي{[21666]} . ثم النار بنفسها لا تغلي ، وإنما تغلي بالذي يجعل فيها ، ففيه أن طعامهم وشرابهم في النار ، فتغلي النار بطعامهم وشرابهم .

وقوله تعالى : { تكاد تميز من الغيظ } فجائز أن يكون هذا كناية عن الخزنة . وجائز أن يكون هذا وصف النار ، ولله{[21667]} تعالى أن يجعل في جهنم وفي ما شاء من الأصوات /583- أا تعرف فيه عظمته وجلاله ، فيغضب له على أعدائه غضبا ، يكاد يتقطع في نفسه ، ويسلم لأوليائه{[21668]} .

ثم في ذكر غضبها تذكير أن من حق الله تعالى على أوليائه أن يغضبوا له على أعدائه غضب جهنم ، بل جهنم أبعد من أن تمتحن بذلك منا .

ثم هي بلغت من الغضب على أعداء الله مبلغا كادت تتقطع [ في نفسها ]{[21669]} .

فالأولياء أحق أن يوجد منهم من الشدة على الأعداء ؛ وذلك قوله تعالى : { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار } [ الفتح : 29 ] وقوله{[21670]} تعالى : { أذلة على المؤمنين } [ المائدة : 54 ] .

وهكذا الحق على كل مؤمن أن يكون على هذا الوصف .

وفيه حكمة أخرى ، وهي{[21671]} أنه ذكر شدة النار على أهلها لئلا يقولوا { يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين } [ الأعراف : 172 ] .

وقوله تعالى : { كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير } ينذركم لقاء يومكم هذا .


[21666]:في الأصل و م: تغاظى
[21667]:الواو ساقطة من الأصل و م:
[21668]:من نسخة الحرم المكي، في الأصل و م، من أوليائه.
[21669]:في الأصل و م: بنفسها
[21670]:في الأصل و م:و قال
[21671]:في الأصل و م: و هو