إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ ٱلۡغَيۡظِۖ كُلَّمَآ أُلۡقِيَ فِيهَا فَوۡجٞ سَأَلَهُمۡ خَزَنَتُهَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ نَذِيرٞ} (8)

أي تتميزُ وتتفرقُ { مِنَ الغيظ } أي منْ شدةِ الغضبِ عليهِم ، فإنَّه صريحٌ في أنَّهُ من آثارِ الغضبِ عليهِم كما في قولِهِ تعالَى : { سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } [ سورة الفرقان ، الآية 12 ] فأينَ هُو من شهيقِهِم الناشئ من شدةِ ما يقاسونَهُ من العذابِ الأليمِ ، والجملةُ إما حالٌ من فاعلِ تفورُ أو خبرٌ آخرُ . وقولُه تعالَى : { كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ } استئنافٌ مسوقٌ لبيانِ حالِ أهلِها بعد بيانِ حالِ نفسِها ، وقيلَ حالٌ من ضميرِها ، أي كلما أُلقَي فيها جماعةٌ من الكفرةِ .

{ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا } بطريقِ التوبيخِ والتقريعِ ، ليزدادُوا عذاباً فوقَ عذابٍ وحسرةً على حسرةٍ ، { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ } يتلُو عليكُم آياتِ ربِّكُم وينذركُم لقاءَ يومِكُم هذا ، كما وقعَ في سورةِ الزمرِ ، ويعربُ عنه جوابهُم أيضاً .