محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ ٱلۡغَيۡظِۖ كُلَّمَآ أُلۡقِيَ فِيهَا فَوۡجٞ سَأَلَهُمۡ خَزَنَتُهَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ نَذِيرٞ} (8)

{ تكاد تميز من الغيظ } أي تتفرق أجزاؤها من الغيظ على الذين أغضبوا الله ورسوله ، شبهت في شدة غليانها وقوة تأثيرها في أهلها ، بالإنسان شديد الغيظ على غيره مبالغ في إيصال الضرر إليه ، فتوهم لها صورة كصورة الحالة المحققة الوجدانية ، وهي الغضب الباعث على ذلك ، واستعير لتلك الحالة المتوهمة الغيظ كما في ( شرح المفتاح الشريفي ) ، وأما ثبوت الغيظ الحقيقي لها بخلق الله فيها إدراكا ، فبحث آخر ، لكنه قد قيل هنا : إنه لا حاجة إلى ادعاء التجوز فيه لأن { تكاد } تأباه كما في قوله {[7185]} { يكاد زيتها يضيء } وقد صرح به علماء المعاني في بحث المبالغة والغلو ، وجوز أن يراد غيظ الزبانية ، فالإسناد مجازي أو على تقدير مضاف كما في ( العناية ) .

{ كلما ألقي فيها فوج } أي جماعة من الكفرة { سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير ؟ } أي في الدنيا ينذركم هذا العذاب .

قال في ( الإكليل ) : استدل به على أنه لا تكليف قبل البعثة .


[7185]:24/ النور/ 35.