قوله : { تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ } .
قرأ العامة : «تَميَّزُ » بتاء واحدة مخففة ، والأصل «تتميَّز » بتاءين ، وهي قراءة{[57379]} طلحة .
والبزي عن ابن كثير : بتشديدها ، أدغم إحدى التاءين في الأخرى .
وهي قراءة حسنة لعدم التقاء الساكنين بخلاف قراءته { إِذْ تَلَقَّوْنَهُ }[ النور : 15 ] ، و { نَاراً تلظى }[ الليل : 14 ] وبابه .
وأبو عمرو : يدغم الدَّال في التاء على أصله في المتقاربين{[57380]} .
وقرأ الضحاك{[57381]} : «تَمَايَزُ » والأصل : «تتمايزُ » بتاءين ، فحذف إحداهما .
وزيد{[57382]} بن علي : «تَمِيزُ » من «مَازَ » .
وهذا كله استعارة من قولهم : تميز فلان من الغيظ ، أي : انفصل بعضه من بعض من الغيظ ، فمن سببية ، أي : بسبب الغيظ ، ومثله في وصف كَلْب ، أنشد عروة : [ الرجز ]
4798 - . . . *** يَكَادُ أنْ يَخْرُجَ مِن إهَابِهِ{[57383]}
قال ابن الخطيب{[57384]} : ولعل سبب هذا المجاز أن دم القلب يغلي عند الغضب ، فيعظم مقداره ، فيزداد امتلاء العروق ، حتَّى تكاد تتمزَّق .
فإن قيل : النَّار ليست من الأحياء ، فكيف توصف بالغيظ ؟ .
قال ابن الخطيب : والجواب : أن البنية عندنا ليست شرطاً للحياة ، فلعل الله - تعالى - يخلق فيها وهي نار حياة ، أو يكون هذا استعارة يشبه صوت لهبها وسرعة مبادرتها بالغضبان وحركته ، أو يكون المراد الزبانية .
قال سعيد بن جبير { تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ } يعني تنقطع ، وينفصل بعضها من بعض{[57385]} .
وابن عباس والضحاك وابن زيد : تتفرق من الغيظ من شدة الغيظ على أعداء الله تعالى{[57386]} .
قوله : { كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ } . تقدم الكلام على «كُلَّمَا » . وهذه الجملة يجوز أن تكون حالاً من ضمير جهنم .
والفَوْج : الجماعة من الناس ، والأفْوَاج : الجماعات في تفرقة ، ومنه قوله تعالى : { فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً } والمراد هنا بالفوج جماعة من الكفار { سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا } وهم مالك ، وأعوانه سؤال توبيخ وتقريع { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ } ، أي : رسول في الدنيا ينذركم هذا اليوم ، حتى تحذروا .
قال الزَّجَّاج{[57387]} : وهذا التوبيخُ زيادة لهم في العذاب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.