قوله : { إِلاَّ حَمِيماً } : يجوزُ أَنْ يكونَ استثناءً متصلاً من قولِه " شَراباً " وهذا واضِحٌ . والثاني : أنَّه منقطعٌ . قال الزمخشري : " يعني لا يذُوقون فيها بَرْداً ولا رَوْحاً يُنَفِس عنهم حَرَّ النارِ ، ولا شَراباً يُسَكِّن مِنْ عَطَشِهم ، ولكنْ يَذُوقون فيها حميماً وغَسَّاقاً " .
قلت : ومكيٌّ لَمَّا جَعَله منقطعاً جعل البَرْدَ عبارةً عن النومِ ، قال : " فإن جَعَلْتَه النومَ كان " حميماً " استثاءً ليس من الأول " . وإنما الذي حَمَلَ الزمخشريُّ على الانقطاع مع صِدْقِ اسم الشرابِ على الحميمِ والغَسَّاقِ وَصْفُه له بقولِه " ولا شَراباً يُسَكِّنُ مِنْ عَطَشِهم " فبهذا القَيْدِ صار الحميمُ ليس من جنسِ هذا الشراب . وإطلاقُ البَرْدِ على النوم لغةُ هُذَيْلٍ . وأنشد :
فإن شِئْتِ حَرَّمْتُ النِّساءَ سواكمُ *** وإنْ شِئْتِ لم أَطْعَمْ نُقاخاً ولا بَرْداً
وفي كلامِ بعضِ الأعراب " مَنَعَ البَرْدُ البَرْدَ " قيل : وسُمِّي بذلك لأنه يقطعُ سَوْرةَ العطشِ . والذَّوْقُ على هذين القولين أعني كونَه رَوْحاً يُنَفِّسُ عنهم الحَرَّ ، وكونَه النومَ مجازٌ . وأمَّا على قولِ مَنْ جعله اسماً للشرابِ الباردِ المُسْتَلَذُّ ، ويُعْزَى لابنِ عباس ، وأنشد قولَ حَسَّانَ رضي الله عنه :
يَسْقُونَ مْن وَرَدَ البَرِيصَ عليهمُ *** بَرْداً يُصَفِّقُ بالرَّحيقِ السَّلْسَلِ
أَمانِيُّ مِنْ سُعْدَى حِسانٌ كأنَّما *** سَقَتكَ بها سُعْدى على ظَمَأ بَرْدا
فالذَّوْقُ حقيقةٌ ، إلاَّ أنه يصير فيه تَكْرارٌ بقولِه بعد ذلك : " ولا شراباً " .
الثالث : أنه بدلٌ مِنْ قولِه " ولا شراباً " ، وهو الأحسنُ لأنَّ الكلامَ غيرُ موجَبٍ . وتقدَّم خلافُ القُراء في { وَغَسَّاقاً } تخفيفاً وتثقيلاً ، والكلامُ عليه وعلى حميم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.