قوله : { إِلاَّ حَمِيماً } . يجوز أن يكون استثناء متَّصلاً من قوله : «شراباً » ، ويجوز أن يكون مُنْقَطِعاً .
قال الزمخشري : «يعني لا يَذُوقُون فيها برداً ، ولا روحاً ينفس عنهم حر النَّار «ولا شراباً » يسكن من عطشهم ، ولكن يذوقون فيها حميماً وغسَّاقاً » .
قال شهاب الدين{[59144]} : «ومكي لمَّا جعله منقطعاً جعل البرد عبارة عن النوم ، قال : فإن جعلته النوم كان «إلا حميماً » استثناء ليس من الأول » .
وإنَّما الذي حمل الزمخشري على الانقطاع مع صدق الشراب على الحميم والغسَّاق ، وصفة له بقوله : «ولا شراباً يسكن من عطشهم » فبهذا القيد صار الحميمُ ليس من جنس هذا الشراب ؛ وإطلاق البردِ على النوم لغة هذيل ، وأنشد البيت المتقدم .
وقول العرب : منع البرد ، قيل : وسمي بذلك لأنه يقطع سورة العطش ، والذوق على هذين القولين مجاز ، أعني : كونه روحاً ينفس عنهم الحر ، وكونه النوم مجاز ، وأمَّا على قوله من جعله اسماً للشراب الباردِ المستلذّ كما تقدَّم عن ابن عباس رضي الله عنهما وأنشد قول حسان رضي الله عنه : [ الكامل ]
5077- يَسْقُون مَنْ ورَدَ البَريصَ عَليْهِمُ *** بَرَدى تُصفِّقُ بالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ{[59145]}
قال ابنُ الأثيرِ : البريص : الماء القليل ، والبرصُ : الشيء القليل ؛ وقال الآخر : [ الطويل ]
5078- أمَانيَّ مِنْ سُعْدى حِسانٌ كأنَّما *** سَقتْكَ بِهَا سُعْدَى عَلى ظَمَإٍ بَرْدَا{[59146]}
والذوق حقيقة ، إلا أنه يصير فيه تكرار بقوله بعد ذلك «ولا شراباً » .
الثالث : أنَّه بدلٌ من قوله : «وَلا شَراباً » وهو الأحسنُ ؛ لأن الكلام غير موجب .
قال أبو عبيدة : الحَمِيمُ : الماءُ الحارّ .
وقال ابن زيد : دموع أعينهم تجمع في حياض ، ثم يسقونه .
وقال النحاس : أصل الحميمِ الماءُ الحار ، ومنه اشتقَّ الحمَّام ، ومنه الحُمَّى ومنه ظل من يحموم ، إنَّما يراد به النهاية في الحر ، والغسَّاق : صديد أهل النار وقيحهم .
وقيل : الزَّمهرير ، وتقدم خلاف القرَّاء في «غسَّاقاً » والكلام عليه وعلى «حَمِيم » .
قال أبو معاذ : كنت أسمع مشايخنا يقولون : الغسَّاقُ : فارسية معربةٌ ، يقولون للشيء الذي يتقذرونه : خاشاك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.