الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَكُلَّ شَيۡءٍ أَحۡصَيۡنَٰهُ كِتَٰبٗا} (29)

قوله : { وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ } : العامَّةُ على النصبِ على الاشتغال ، وهذا الراجحُ لتقدُّمِ جملةٍ فعليةٍ . وقرأ أبو السَّمَّال برفعِه على الابتداء وما بعدَه الخبرُ . وهذه الجملةُ مُعْتَرَضٌ بها بين السبب والمُسَبَّب ؛ لأنَّ الأَصل : وكَذَّبوا بآياتنا كِذَّاباً فذوقوا . فقوله " فذوقوا " مُتَسَبِّبٌ عن تكذيبهم .

قوله : { كِتَاباً } فيه أوجهٌ : أحدُها : أنه مصدرٌ مِنْ معنى " أَحْصَيْنا " ، أي : إحصاءً . فالتجوُّزُ في نفسِ المصدرِ . الثاني : أنَّه مصدرٌ ل " أَحْصَيْنا " لأنَّه في معنى " كَتَبْنا " فالتجوُّزُ في نفسِ الفعلِ . قال الزمخشري : " لالتقاءِ الإِحصاء والكَتْبِ في معنى الضَّبْطِ والتحصيل " . الثالث : أَنْ يكونَ منصوباً على الحالِ بمعنى : مكتوباً في اللوح .