الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِن كُلُّ نَفۡسٖ لَّمَّا عَلَيۡهَا حَافِظٞ} (4)

قوله : { إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا } : قد تقدَّم في سورةِ هود التخفيفُ والتشديدُ في " لَمَّاً " . فمَنْ خَفَّفها هنا كانت " إنْ " هنا مخففةً من الثقيلة ، و " كلُّ " مبتدأٌ ، واللامُ فارقةٌ ، و " عليها " خبرٌ مقدَّمٌ و " حافظٌ " مبتدأٌ مؤخرٌ ، والجملةُ خبرُ " كل " و " ما " مزيدةٌ بعد اللامِ الفارقةِ . ويجوزُ أَنْ يكونَ " عليها " هو الخبرَ وحدَه ، و " حافِظٌ " فاعلٌ به ، وهو أحسنُ . ويجوزُ أَنْ يكونَ " كلُّ " متبدأً ، و " حافظٌ " خبرَه ، و " عليها " متعلقٌ به و " ما " مزيدة أيضاً ، هذا كلُّه تفريعٌ على قولِ البصريِين . وقال الكوفيون : " إنْ هنا نافيةٌ ، واللامُ بمعنى " إلاَّ " إيجاباً بعد النفي ، و " ما " مزيدةٌ . وتقدَّم الكلامُ في هذا مُسْتوفى .

وأمَّا قراءةُ التشديدِ فإنْ نافيةٌ ، و " لَمَّا " بمعنى " إلاَّ " ، وتقدَّمَتْ شواهدُ ذلك مستوفاةً في هود . وحكى هارونُ أنه قُرِىءَ هنا " إنَّ " بالتشديدِ ، " كلَّ " بالنصب على أنَّه اسمُها ، واللامُ هي الداخلةُ في الخبرِ ، و " ما " مزيدةٌ و " حافظٌ " خبرُها ، وعلى كلِّ تقديرِ فإنْ وما في حَيِّزِها جوابُ القسمِ سواءً جَعَلها مخففةً أو نافيةً .

وقيل : الجواب { إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ } ، وما بينهما اعتراضٌ . وفيه بُعْدٌ .