قوله : { إِلاَّ مَا شَآءَ اللَّهُ } : فيه أوجهٌ ، أحدُها : أنَّه مفرغٌ ، أي : إلاَّ ما شاءَ الله أن يُنْسِيَكَهُ فإنك تَنْساه . والمرادُ رَفْعُ تلاوتِه . وفي الحديث : " أنه كان يُصبح فينسَى الآياتِ لقولِه : { مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا } [ البقرة : 106 ] . وقيل : إنَّ المعنى بذلك القِلَّةُ والنُّدْرَةُ ، كما رُوِيَ " أنه عليه السلام أسقطَ آيةً في صلاتِه ، فحسِب أُبَيٌّ أنها نُسِخَتْ ، فسأله فقال : " نَسِيْتُها " " وقال الزمخشري : " الغَرَضُ نَفْيُ النِّسْيان رَأْساً ، كما يقول الرجل لصاحبه : أنت سَهِيْمي فيما أَمْلِكُ إلاَّ ما شاء اللَّهُ ، ولم يَقْصِدْ استثناءَ شيءٍ ، وهو مِنْ استعمالِ القلَّة في معنى النفي " انتهى . وهذا القولُ سبقَه إليه الفراء ومكي . وقال الفراء وجماعة معه : " هذا الاستثناءُ صلةٌ في الكلام على سنةِ الله تعالى في الاستثناء . وليس [ ثم ] شيءٌ أُبيح استثناؤُه " . قال الشيخ : " هذا لا يَنْبغي أَنْ يكونَ في كلامِ اللَّهِ تعالى ولا في كلامٍ فصيحٍ ، وكذلك القولُ بأنَّ " لا " للنهي ، والألفَ فاصلةٌ " انتهى . وهذا الذي قاله الشيخُ لم يَقْصِدْه القائلُ بكونِه صلةً ، أي : زائداً مَحْضاً بل المعنى الذي ذكره ، وهو المبالغةُ في نَفْي النسيانِ أو النهي عنه .
وقال مكي : " وقيل : معنى ذلك ، إلاَّ ما شاء الله ، وليس يشاءُ اللَّهُ أَنْ يَنْسَى منه شيئاً ، فهو بمنزلةِ قولِه في هود في الموضعَيْنِ : خالِدِيْنَ فيها ما دامَتِ السماواتُ والأرضُ إلاَّ ما شاء ربُّك " وليس جَلَّ ذِكْرُه تَرَكَ شيئاً من الخلودِ لتقدُّمِ مَشيئتِه بخُلودِهم " . وقيل : هو استثناءٌ مِنْ قولِه { فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَى } . نقله مكي . وهذا يَنْبغي أَنْ لا يجوزَ البتة .
قوله : { وَمَا يَخْفَى } " ما " اسميةٌ . ولا يجوزُ أَنْ تكونَ مصدريةً لئلا يَلْزَمَ خُلُوُّ الفعلِ مِنْ فاعل . ولولا ذلك لكان المصدريةُ أحسنَ لِيُعْطَفَ مصدرٌ مؤولٌ على مثلِه صريح .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.