البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قَالَ لَوۡ أَنَّ لِي بِكُمۡ قُوَّةً أَوۡ ءَاوِيٓ إِلَىٰ رُكۡنٖ شَدِيدٖ} (80)

الركن : معروف وهو الناحية من البيت ، أو الجبل .

ويقال : ركن بضم الكاف ، ويجمع على أركان وأركن .

وركنت إلى فلان انضويت إليه .

قال : لو أنّ لي بكم قوة ، قال ذلك على سبيل التفجع .

وجواب لو محذوف كما حذف في : { ولو أن قرآناً سيرت به الجبال } وتقديره : لفعلت بكم وصنعت .

والمعنى في إلى ركن شديد : من يستند إليه ويمتنع به من عشيرته ، شبه الذي يمتنع به بالركن من الجبل في شدته ومنعته ، وكأنه امتنع عليه أن ينتصر ويمتنع بنفسه أو بغيره مما يمكن أن يستند إليه .

وقال الحوفي ، وأبو البقاء : أو آوي عطف على المعنى تقديره : أو أني آوي .

والظاهر أن أو عطف جملة فعلية ، على جملة فعلية إن قدرت إني في موضع رفع على الفاعلية على ما ذهب إليه المبرد أي : لو ثبت أن لي بكم قوة ، أو آوي .

ويكون المضارع المقدر وآوى هذا وقعاً موقع الماضي ، ولو التي هي حرف لما كان سيقع لوقوع غيره نقلت المضارع إلى الماضي ، وإن قدرت أن وما بعدها جملة اسمية على مذهب سيبويه فهي عطف عليها من حيث أنّ لو تأتي بعدها الجملة المقدرة اسمية إذا كان الذي ينسبك إليها أنّ ومعمولاها .

وقال أبو البقاء : ويجوز أن يكون أو آوي مستأنفاً انتهى .

ويجوز على رأي الكوفيين أن تكون أو بمعنى بل ، ويكون قد أضرب عن الجملة السابقة وقال : بل آوى في حالي معكم إلى ركن شديد ، وكنى به عن جناب الله تعالى .

وقرأ شيبة ، وأبو جعفر : أو آوي بنصب الياء بإضمار أن بعد ، أو فتتقدر بالمصدر عطفاً على قوله : قوة .

ونظيره من النصب بإضمار أنْ بعد أو قول الشاعر :

ولولا رجال من رزام أعزة *** وآل سبيع أو يسوؤك علقما

أي أو ومساءتك علقماً .