الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قَالَ لَوۡ أَنَّ لِي بِكُمۡ قُوَّةً أَوۡ ءَاوِيٓ إِلَىٰ رُكۡنٖ شَدِيدٖ} (80)

قوله تعالى : { لَوْ أَنَّ } جوابُها محذوف تقديره : لفعلتُ بكم وصنعْتُ كقوله : { وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ } [ الرعد : 31 ] .

قوله : { أَوْ آوِي } يجوز أن يكونَ معطوفاً على المعنى ، تقديره : أو أني آوي ، قاله أبو البقاء والحوفي . ويجوز أن يكون معطوفاً على " قوة " لأنه منصوبٌ في الأصل بإضمار أن فلمَّا حُذِفَتْ " أن " رُفع الفعل كقوله :

{ وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ } [ الروم : 24 ] .

واستضعف أبو البقاء هذا الوجهَ بعدم نصبِه . وقد تقدم جوابه . ويدلُّ على اعتبار ذلك قراءةُ شيبة وأبي جعفر " أو آويَ " بالنصب كقوله :

2693 ولولا رجالٌ من رِزامٍ أعزَّةٍ *** وآلُ سبيعٍ أو أسُوْءَك عَلْقما

وقولها :

2694 لَلُبْسُ عباءةٍ وتقرَّ عَيْني *** أحبُّ إليَّ من لُبْس الشُّفوف

ويجوز أن يكون عَطْفُ هذه الجملةِ الفعلية على مثلها إن قدَّرْتَ أنَّ " أنَّ " مرفوعة بفعل مقدرٍ بعد " لو " عند المبرد ، والتقدير : لو يستقر أو يثبت استقرار القوة أو آوي ، ويكون هذان الفعلان ماضيَيْ المعنى ؛ لأنها تَقلب المضارع إلى المضيِّ . وأمَّا على رأي سيبويه في كونِ أنَّ " أنَّ " في محل الابتداء ، فيكون هذا مستأنفاً . وقيل : " أو " بمعنى بل وهذا عند الكوفيين .

و " بكم " متعلق بمحذوفٍ لأنه حالٌ من " قوة " ، إذ هو في الأصل صفةُ للنكرة ، ولا يجوز أن يتعلَّق ب " قوة " لأنها مصدر .

والرُّكُنْ بسكون الكاف وضمها الناحية من جبل وغيره ، ويُجمع على أركان وأَرْكُن قال :

2695 وزَحْمُ رُكْنَيْكَ شديدُ الأَرْكُنِ/ ***