نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قَالَ لَوۡ أَنَّ لِي بِكُمۡ قُوَّةً أَوۡ ءَاوِيٓ إِلَىٰ رُكۡنٖ شَدِيدٖ} (80)

فأخبر تعالى عن قوله لهم على{[39822]} طريق الاستئناف بقوله : { قال } أي{[39823]} متمنياً أن يكون له بهم طاقة ليروا ما يصنع من الإيقاع بهم متفجعاً على فوات ذلك { لو أن لي بكم } أي في دفعكم { قوة } بنفسي { أو } لو أني { آوي } من الأعوان والأنصار { إلى ركن شديد* } أي جماعة هم كالركن الموصوف بالشدة لحلت بينكم وبين ما جئتم له ، وحذفه أبلغ لذهاب النفس فيه كل مذهب ؛ والسوء : ما يظهر مكروهه لصاحبه ؛ والعصيب : الشديد في الشر خاصة كأنه التف شره ؛ والقوة خاصة يمكن أن يقع بها{[39824]} الفعل وأن لا يقع ؛ والركن : معتمد البناء بعد الأساس ، والركن هنا{[39825]} من هو مثله ؛ والشدة : مجمع{[39826]} يصعب معه الإمكان ، ووصفه الركن بالشدة وهو يتضمنها تأكيد يدل على أن قومه كانوا في غاية القوة والجلادة ، وأنه كان يود معاجلتهم لو قدر .

وذلك أن مادة ( ركن ) بكل ترتيب تدور على الرزانة ، من ركن - بالضم بمعنى رزن ، ويلزمهما القوة ، ومنه الركن للجانب الأقوى والأمر العظيم وما يتقوى به من ملك وجند وغيره والعز والمنعة ، ومن ذلك النكر بالضم للدهاء والفطنة ، والنكر للمنكر والأمر الشديد وما يخرج من الزحير من دم أو قيح ، ونكر الأمر : صعب وطريق ينكور{[39827]} : على غير قصد ، والمنكر ضد المعروف{[39828]} لأن الشيء إذا جهل صعب أمره ، وتناكر القوم : تعادوا ، والتنكر{[39829]} : التغير من حال يسر إلى حال يكره{[39830]} ، والمكنر - كمحدث : الضخم السمج ، ويلزم الرزانة أيضاً الميل والسكون ، ومنه ركن إليه - بالفتح : مال وسكن ، وركن بالمنزل - بالكسر : أقام ؛ والكنارة - بالكسر والتشديد : الشقة من ثياب الكتان ، لأنه يمال إليه لبهجته ، وكذا الكنارات للعيدان والطبول ، والكران ككتاب للعود أو الصنج{[39831]} ، أو يكون ذلك من الشدة لقوة أصواتها - والله أعلم .


[39822]:من ظ ومد، وفي الأصل: عن.
[39823]:زيد من ظ ومد.
[39824]:في مد: فيها.
[39825]:من ظ ومد، وفي الأصل: هذا.
[39826]:من ظ ومد، وفي الأصل: تجمع.
[39827]:من القاموس، وفي الأصول: منكور.
[39828]:زيدت الواو بعده في الأصل ولم تكن في ظ ومد فحذفناها.
[39829]:في ظ: التنكير.
[39830]:في ظ ومد: تكره.
[39831]:من القاموس، وفي الأصول: الصيح.