وقوله تعالى : ( وَإِلَى مَدْيَنَ ) أي إلى مدين أرسلنا ( أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ) هذا قد ذكرنا فيما تقدم : أن كل نبي أول ما دعا قومه إنما دعا إلى توحيد الله وجعل العبادة له .
وفي قوله : ( أخاهم شعيبا ) وما ذكر في غيره من الأخوة دلالة على أن الرسول ممن قبل كانوا من البشر من جنس قومهم لا من الملائكة حين[ في الأصل وم : حيث ] قال : ( أخاهم شعيبا ) ومعلوم أنه لم يكونوا أخوة لهم في الدين .
وفيه أن الأخوة لا توجب فضيلة المؤاخي له ؛ لأن رسل أخوة أولئك الأقوام ، وهم كفرة . وذلك يرد قول الروافض في تفضيل علي على بأبي بكر بالمؤاخاة التي كانت بين رسول الله وبين علي . والخلة توجب الفضيلة . وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : «لو اتخذت سوى ربي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا »[ بنحوه مسلم : 532 ] .
وقوله تعالى : ( وَلا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ) ذكر أنهم ينقصون المكيال والميزان ولا يوفون الناس حقهم ، فنهاهم عن ذلك ، فهو ، والله أعلم ، لوجهين :
أحدهما : أنهم إنما نهوا عن ذلك بحق الربا لأن النقصان إذا كان برضا من صاحبه يجوز ، فدل أنه إنما نهاهم بحق الربا ، وفيهما يجري الربا .
والثاني : فيه أن هبة المشتري للبائع وتقلبه قبل قبضه على قيام البيع في ما بينهما غير جائز ، والله أعلم .
وقوله تعالى : ( إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ ) قيل : في سعة من المال ، وقيل في رخص من السعة . وإنما يحمل المرء على النقصان والظلم على آخر عزة الشيء وضيق الحال فكيف تنقصون أنتم في حال السعة ورخص السعة ؟ أو يقول ( إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ ) في غير هذا فلا تظلموا الناس في هذا وتمنعوا حقوقهم .
[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ ) أي يوم يحيط بهم العذاب . إن كانت الإحاطة مضافة إلى اليوم فهو محيط بالكل ، و إن كانت الإحاطة مضافة إلى العذاب فهو محيط بالكفرة خاصة .
وهو ، والله أعلم ، أنه ما من جارحة ظاهرة وباطنة إلا وقد يصيبها العذاب ويحيط بها ، ليس كعذاب الدنيا يأخذ جزءا دون جزء بل يحيط به .
والنهي[ الواو ساقطة من الأصل وم ] بتخصيص النقصان [ في ][ ساقطة من الأصل وم ] الكيل والميزان لا يدل على أنه لم يكن فيه من المآثم والأجرام سوى ذلك ، لكنه خص هذا لما كان الظاهر فيهم نقصان الكيل والوزن فذكر ذلك ، وهو خص به قوم لوط بقوله : ( أتاتون الذكران من العالمين )[ الشعراء : 165 ] [ وقوله ][ ساقطة من الأصل وم ] ( إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها )الآية[ العنكبوت : 28 ] .
ذكر هذا ، وخصهم على أنهم لم يكونوا يأتون من الفواحش غيرها ، لكن خص هذا لأن الظاهر فيهم هذا . فعلى ذلك نقصان الكيل والميزان في قوم شعيب ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.