النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{۞وَإِلَىٰ مَدۡيَنَ أَخَاهُمۡ شُعَيۡبٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥۖ وَلَا تَنقُصُواْ ٱلۡمِكۡيَالَ وَٱلۡمِيزَانَۖ إِنِّيٓ أَرَىٰكُم بِخَيۡرٖ وَإِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٖ مُّحِيطٖ} (84)

قوله عز وجل : { وإلى مَدِين أخاهم شعيباً قال يا قوم اعبُدوا الله ما لكم من إله غيره } ومدين هم قوم شعيب ، وفي تسميتهم بذلك قولان :

أحدهما : لأنهم بنو مدين بن إبراهيم ، فقيل مدين والمراد بنو مدين ، كما يقال مضر والمراد بنو مضر .

الثاني : أن مدين اسم مدينتهم فنسبوا إليها ثم اقتصر على اسم المدينة تخفيفاً .

ثم فيه وجهان :

أحدهما : أنه اسم أعجمي .

الثاني : أنه اسم عربي وفي اشتقاقه وجهان :

أحدهما : أنه من قولهم مدن بالمكان إذا أقام فيه ، والياء زائدة ، وهذا قول من زعم أنه اسم مدينة .

الثاني : أنه مشتق من قولهم دَيَنْت أي ملكت والميم زائدة ، وهذا قول من زعم أنه اسم رجل . وأما شعيب فتصغير شعب وفيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنه الطريق في الجبل .

الثاني : أنه القبيلة العظيمة .

الثالث : أنه مأخوذ من شَعْب الإناء المكسور .

{ ولا تنقصوا المكيال والميزان } كانوا مع كفرهم أهل بخس وتطفيف فأمروا بالإيمان إقلاعاً عن الشرك ، وبالوفاء نهياً عن التطفيف .

{ إني أراكم بخير } فيه تأويلان :

أحدهما : أنه رخص السعر ، قاله ابن عباس والحسن . الثاني : أنه المال وزينة الدنيا ، قاله قتادة وابن زيد . ويحتمل تأويلاً ثالثاً : أنه الخصب والكسب .

{ إني أخافُ عليكم عذاب يومٍ محيط } فيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : غلاء السعر ، وهو مقتضى قول ابن عباس والحسن . الثاني : عذاب الاستئصال في الدنيا .

الثالث : عذاب النار في الآخرة .