البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قَالُوٓاْ أَضۡغَٰثُ أَحۡلَٰمٖۖ وَمَا نَحۡنُ بِتَأۡوِيلِ ٱلۡأَحۡلَٰمِ بِعَٰلِمِينَ} (44)

الضغث أقل من الحزمة وأكثر من القبضة من النبات والعشب من جنس واحد أو ، من أخلاط النبات والعشب فمن جنس واحد ما روي في قوله : { وخذ بيدك ضغثاً فاضرب به } إنه أخذ عثكالاً من النخل .

وروي أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم فعل نحو هذا في إقامة حد على رجل .

وقال ابن مقبل :

خود كأن راشها وضعت به *** أضغاث ريحان غداة شمال

ومن الأخلاط قول العرب في أمثالها : ضغث على إمالة .

وأضغاث جمع ضغث أي تخاليط أحلام ، وهي ما يكون من حديث النفس ، أو وسوسة الشيطان ، أو مزاج الإنسان .

وأصله أخلاط النبات ، استعير للأحلام ، وجمعوا الأحلام .

وأن رؤياه واحدة إما باعتبار متعلقاتها إذ هي أشياء ، وإما باعتبار جواز ذلك كما تقول : فلان يركب الخيل وإن لم يركب إلا فرساً واحداً ، تعليقاً بالجنس .

وإما بكونه قص عليهم مع هذه الرّؤيا غيرها .

والأحلام جمع حلم ، وأضغاث خبر مبتدأ محذوف أي : هي أضغاث أحلام .

والظاهر أنهم نفوا عن أنفسهم العلم بتأويل الأحلام أي : لسنا من أهل تعبير الرؤيا .

ويجوز أن تكون الأحلام المنفي علمها أرادوا بها الموصوفة بالتخليط والأباطيل أي : وما نحن بتأويل الأحلام التي هي أضغاث بعالمين أي : لا يتعلق علم لنا بتأويل تلك ، لأنه لا تأويل لها إنما التأويل للمنام الصحيح ، فلا يكون في ذلك نفي للعلم بتأويل المنام الصحيح ، ولا تصور علمهم .

والباء في بتأويل متعلقة بقوله بعالمين .