النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{قَالُوٓاْ أَضۡغَٰثُ أَحۡلَٰمٖۖ وَمَا نَحۡنُ بِتَأۡوِيلِ ٱلۡأَحۡلَٰمِ بِعَٰلِمِينَ} (44)

قوله عز وجل : { قالوا أضغاث أحلام } فيه أربعة أوجه :

أحدها : يعني أخلاط أحلام ، قاله معمر وقتادة .

الثاني : ألوان أحلام ، قاله الحسن .

الثالث : أهاويل أحلام{[1473]} ، قاله مجاهد .

الرابع : أكاذيب أحلام ، قاله الضحاك .

وفيه خامس : شبهة أحلام ، قاله ابن عباس .

قال أبو عبيدة : الأضغاث ما لا تأويل له من الرؤيا ، ومنه قول الشاعر :

كضغث حلم عُزَّ منه حالمُه{[1474]} . ***

وروى هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا تقارب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب " {[1475]} .

وفي تقارب الزمان وجهان :

أحدهما : أنه استواء الليل والنهار لأنه وقت اعتدال تنفتق فيه الأنوار وتطلع فيه الثمار فكان أصدق الزمان في تعبير الرؤيا .

الثاني : أنه آخر الزمان وعند انتهاء أمده{[1476]} .

والأضغاث جمع واحده ضغث والضغث الحزمة من الحشيش المجموع بعضه إلى بعض وقيل هو ملء الكف ، ومنه قوله تعالى : { خذ بيدك ضغثاً } وقال ابن مقبل .

خَوْذٌ كَأَنَّ فِرَاشَهَا وُضِعَتْ بِهِ *** أَضْغَاثُ رَيْحَانٍ غَدَاةَ شَمَالِ{[1477]}

والأحلام جمع حُلم ، والحُلم الرؤيا في النوم ، وأصله الأناة ، ومنه الحلم ضد الطيش فقيل لما يرى في النوم حلم لأنها حال أناة وسكون .

{ وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين } فدل ذلك على أنه ليس التأويل الأول مما تؤول به الرؤيا هو الحق المحكوم به لأن يوسف عرفهم تأويلها بالحق ، وإنما قال يوسف للغلامين { قضي الأمر الذي فيه تستفتيان } لأنه منه نذير نبوة . ويجوز أن يكون الله تعالى صرف هؤلاء عن تفسير هذه الرؤيا لطفاً بيوسف ليتذكر الذي نجا منهما حاله فتدعوهم الحاجة إليه فتكون سبباً لخلاصه .


[1473]:سقط من ك.
[1474]:لم أعثر على البيت بتمامه.
[1475]:رواه الستة إلا النسائي وأبو داود، كما رواه الدارمي.
[1476]:سقط من ق.
[1477]:الخود: الفتاة الشابة الحسنة الخلق وقيل الجارية الناعمة، والجمع خود وخودات ولا فعل له.