تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالُوٓاْ أَضۡغَٰثُ أَحۡلَٰمٖۖ وَمَا نَحۡنُ بِتَأۡوِيلِ ٱلۡأَحۡلَٰمِ بِعَٰلِمِينَ} (44)

وقوله تعالى : ( أضغاث أحلام ) قال بعضهم : أباطيل أحلام كاذبة[ في الأصل وم : الكاذبة ] ، وقال بعضهم : أخلاط أحلام كاذبة[ في الأصل وم : الكاذبة ] ، مثل أضغاث النبات تجمع ، فيكون فيها ضروب مختلفة ، وهو كما قيل في قوله : ( وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث )[ ص : 44 ] أي جماعة من أغصان الشجر ، وقال بعضهم : ( أضغاث أحلام ) الضغث والأضغاث ما لا يكون له تأويل ، ويقال لنوع من الكلأ[ في الأصل وم : الكلام ] : ضغث ، وهو الحلفاء شبه البردي وغيره . وقيل : إذ الضغث والأحلام ، هما اسمان لشيء ، لا معنى له ، ولا تأويل ، وهما واحد ، وأصل الأحلام يخرج[ في الأصل وم : كان يخرجه ] من وجهين :

أحدهما : العقول ؛ دليله قوله : ( أم تأمرهم أحلامهم بهذا )[ الطور : 32 ] أي عقولهم ( أم هم قوم طاغون )[ الطور : 32 ] .

والثاني : من الاحتلام ، وهو ما ذكرنا من الحلم كقوله : ( وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم ) الآية[ النور : 59 ] فيشبه أن يكون يخرج على هذا ؛ لأن الصبي ما لم يعقل لا يلعب به الشيطان ، ولا يحتلم ؛ كأن الاحتلام هو من لعب الشيطان به ، فسمي الرؤيا الباطلة الكاذبة أحلاما ؛ لأنها من لعب الشيطان به كما سمى احتلام الصبي حلما ؛ لأنه إذا بلغ العقل لعب به الشيطان .

وقوله تعالى : ( وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين ) يحتمل قوله : ( وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين ) لما لا تأويل لها كقوله : ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى )[ الأنبياء : 28 ] وقوله : ( فما تنفعهم شفاعة الشافعين )[ المدثر : 48 ] أي لا شفيع لهم .

ويحتمل قوله : ( وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين ) لها تأويل ، ولكن نحن لا نعلمه[ في الأصل وم : نعلمها ] ، والله أعلم .