البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَقَالَتِ ٱمۡرَأَتُ فِرۡعَوۡنَ قُرَّتُ عَيۡنٖ لِّي وَلَكَۖ لَا تَقۡتُلُوهُ عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَوۡ نَتَّخِذَهُۥ وَلَدٗا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (9)

وقرة : خبر مبتدأ محذوف ، أي هو قرة ، ويبعد أن يكون مبتدأ والخبر { لا تقتلوه } ؛ وتقدم شرح قرة في آخر الفرقان .

وذكر أنها لما قالت لفرعون : { قرة عين لي ولك } ، قال : لك لا لي .

وروي أنها قالت له : لعله من قوم آخرين ليس من بني إسرائيل ، وأتبعت النهي عن قتله برجائها أن ينفعهم لظهور مخايل الخير فيه من النور الذي رأته ، ومن برإ البرص ، أو يتخذوه ولداً ، فإنه أهل لذلك .

{ وهم لا يشعرون } : جملة حالية ، أي لا يشعرون أنه الذي يفسد ملكهم على يديه ، قاله قتادة ؛ أو أنه عدو لهم ، قاله مجاهد ؛ أو أني أفعل ما أريد لا ما يريدون ، قاله محمد بن إسحاق .

والظاهر أنه من كلام الله تعالى .

وقيل : هو من كلام امرأة فرعون ، أي قالت ذلك لفرعون ، والذين أشاروا بقتله لا يشعرون بمقالتها له واستعطاف قلبه عليه ، لئلا يغروه بقتله .

وقال الزمخشري : تقدير الكلام : { فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً } ، و { قالت امرأة فرعون } كذا ، { وهم لا يشعرون } أنهم على خطأ عظيم في التقاطه ورجاء النفع منه وتبنيه .

وقوله : { إن فرعون } الآية ، جملة اعتراضية واقعة بين المعطوف والمعطوف عليه مؤكدة لمعنى خطئهم . انتهى .

ومتى أمكن حمل الكلام على ظاهره من غير فصل كان أحسن .