{ وأصبح } : أي صار فارغاً من العقل ، وذلك حين بلغها أنه وقع في يد فرعون ، فدهمها أمر مثله لا يثبت معه العقل ، لا سيما عقل امرأة خافت على ولدها حتى طرحته في اليم ، رجاء نجاته من الذبح ؛ هذا مع الوحي إليها أن الله يرده إليها ويجعله رسولاً ، ومع ذلك فطاش لبها وغلب عليها ما يغلب على البشر عند مفاجأة الخطب العظيم ، ثم استكانت بعد ذلك لموعود الله .
وقرأ أحمد بن موسى ، عن أبي عمر وفؤاد : بالواو .
وقال ابن عباس : فارغاً من كل شيء إلا من ذكر موسى .
وقالت فرقة : فارغاً من الصبر .
وقال ابن زيد : فارغاً من وعد الله ووحيه إليها ، تناسته من الهم .
وقال أبو عبيدة : فارغاً من الحزن ، إذ لم يغرق ، وهذا فيه بعد ، وتبعده القراءات الشواذ التي في اللفظة .
وقرأ فضالة بن عبيد ، والحسن ، ويزيد بن قطيب ، وأبو زرعة بن عمرو بن جرير : فزعاً ، بالزاي والعين المهملة ، من الفزع ، وهو الخوف والقلق ؛ وابن عباس : قرعاً ، بالقاف وكسر الراء وإسكانها ، من قرع رأسه ، إذا انحسر شعره ، كأنه خلا من كل شيء إلا من ذكر موسى .
وقيل : قرعاً ، بالسكون ، مصدر ، أي يقرع قرعاً من القارعة ، وهي الهم العظيم .
وقرأ بعض الصحابة : فزغاً ، بالفاء مكسورة وسكون الزاي والغين المنقوطة ، ومعناه : ذاهباً هدراً تالفاً من الهم والحزن .
ومنه قول طليحة الأسدي في أخيه حبال :
فإن يك قتلي قد أصيْبت نفوسهم *** فلن تذهبوا فزغاً بقتل حبال
أي : بقتل حبال فزغاً ، أي هدراً لا يطلب له بثأر ولا يؤخذ .
وقرأ الخليل بن أحمد : فرغاً ، بضم الفاء والراء .
{ إن كادت لتبدي به } : هي إن المخففة من الثقيلة ، واللام هي الفارقة .
وقيل : إن نافية ، واللام بمعنى إلاّ ، وهذا قول كوفي ، والإبداء : إظهار الشيء .
والظاهر أن الضمير في به عائد على موسى عليه السلام ، فقيل : الباء زائدة ، أي : لتظهره .
وقيل : مفعول تبدي محذوف ، أي لتبدي القول به ، أي بسببه وأنه ولدها .
وقيل : الضمير في به للوحي ، أي لتبدي بالوحي .
وقال ابن عباس : كادت تصيح عند إلقائه في البحر وا ابناه .
وقيل : عند رؤيتها تلاطم الأمواج به { لولا أن ربطنا على قلبها } .
وقال ابن عطاء : بالوحي ، و { لتكون من المؤمنين } .
فعلنا ذلك ، أي المصدقين بوعد الله ، وأنه كائن لا محالة .
والربط على القلب كناية عن قراره وإطمئنانه ، شبه بما يربط مخافة الانفلات .
وقال الزمخشري : ويجوز : وأصبح فؤادها فارغاً من الهم حين سمعت أن فرعون عطف عليه وتبناه .
{ إن كادت لتبدي } بأنه ولدها ، لأنها لم تملك نفسها فرحاً وسروراً بما سمعت ، لولا أنا ظلمنا قلبها وسكّنّا قلقه الذي حدث به من شدة الفرح والابتهاج .
{ لتكون من المؤمنين } الواثقين بوعد الله ، لا بتبني فرعون وتعطفه . انتهى .
وما ذهب إليه الزمخشري من تجويز كونه فارغاً من الهم إلى آخره ، خلاف ما فهمه المفسرون من الآية ، وجواب لولا محذوف تقديره : لكادت تبدي به ، ودل عليه قوله : { إن كادت لتبدي به } ، وهذا تشبيه بقوله : { وهم بها لولا أن رأى برهان ربه }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.