البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰٓ أُمِّ مُوسَىٰٓ أَنۡ أَرۡضِعِيهِۖ فَإِذَا خِفۡتِ عَلَيۡهِ فَأَلۡقِيهِ فِي ٱلۡيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحۡزَنِيٓۖ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيۡكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (7)

وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى اليَمّ وَلاَ تَخَافِى وَلاَ تَحْزَنِى إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ

إيحاء الله إلى أم موسى إلهام وقذف في القلب قاله ابن عباس وقتادة أو منام قاله قوم أو إرسال ملك قاله قطرب وقوم وهذا هو الظاهر لقوله إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ وأجمعوا على أنها لم تكن نبية فإن كان الوحي بإرسال ملك كما هو الظاهر فهو كإرساله للأقرع والأبرص والأعمى وكما روي من تكليم الملائكة للناس والظاهر أن هذا الإيحاء هو بعد الولادة فيكون ثم جملة محذوفة أي ووضعت موسى أمه في زمن الذبح وخافت عليه وَأَوْحَيْنَا و ءانٍ تفسيرية أو مصدرية وقيل كان الوحي قبل الولادة وقرأ عمرو بن عبد الواحد وعمر بن عبد العزيز أن ارضعيه بكسر النون بعد حذف الهمزة على غير قياس لأن القياس فيه نقل حركة الهمزة وهي الفتحة إلى النون كقراءة ورش .

فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ من جواسيس فرعون ونقبائه الذين يقتلون الأولاد فَأَلْقِيهِ فِى اليَمّ قال الجنيد إذا خفت حفظه بواسطة فسلميه إلينا بإلقائه في البحر واقطعي عنك شفقتك وتدبيرك وزمان إرضاعه ثلاثة أشهر أو أربعة أو ثمانية أقوال واليم هنا نيل مصر وَلاَ تَخَافِى أي من غرقه وضياعه ومن التقاطه فيقتل وَلاَ تَحْزَنِى لمفارقتك إياه إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وعد صادق يسكن قلبها ويبشرها بحياته وجعله رسولاً وقد تقدم في سورة طه طرف من حديث التابوت ورميه في اليم وكيفية التقاطه فأغنى عن إعادته واستفصح الأصمعي امرأة من العرب أنشدت شعراً فقالت : أبعد قوله تعالى وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمّ مُوسَى الآية فصاحة وقد جمع بين أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين .