البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قُل لَّن يَنفَعَكُمُ ٱلۡفِرَارُ إِن فَرَرۡتُم مِّنَ ٱلۡمَوۡتِ أَوِ ٱلۡقَتۡلِ وَإِذٗا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلٗا} (16)

{ قل لن ينفعكم الفرار } : خطاب توبيخ وإعلام أن الفرار لا ينجي من القدر ، وأنه تنقطع أعمارهم في يسير من المدة ، واليسير : مدة الآجال .

قال الربيع بن خيثم : وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه ، أي : { إن فررتم من الموت } ، أو القتل ، لا ينفعكم الفرار ، لأن مجيء الأجل لا بد منه .

وإذاً هنا تقدّمها حرف عطف ، فلا يتحتم إعمالها ، بل يجوز ، ولذلك قرأ بعضهم : { وإذاً لا يلبثوا خلفك } في سورة الإسراء ، بحذف النون .

ومعنى خلفك : أي بعد فراقهم إياك .

و { قليلاً } : نعت لمصدر محذوف ، أي تمتيعاً قليلاً ، أو لزمان محذوف ، أي زماناً قليلاً .

ومرّ بعض المروانية على حائط مائل فأسرع ، فتليت له هذه الآية ، فقال : ذلك القليل نطلب .

وقرأ الجمهور : { لا تمتعون } ، بتاء الخطاب ؛ وقرىء : بياء الغيبة .