البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَكَيۡفَ إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ ثُمَّ جَآءُوكَ يَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنۡ أَرَدۡنَآ إِلَّآ إِحۡسَٰنٗا وَتَوۡفِيقًا} (62)

التوفيق : مصدر وفق ، والوفاق والوفق ضد المخالفة . { فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاؤك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحساناً وتوفيقاً } قال الزجاج : كيف في موضع نصب تقديره : كيف تراهم ، أو في موضع رفع أي : فكيف صنيعهم والمصيبة .

قال الزجاج : قتل عمر الذي ردّ حكم الرسول صلى الله عليه وسلم .

وقيل : كل مصيبة تصيب المنافقين في الدنيا والآخرة ، ثم عاد الكلام إلى ما سبق يخبر عن فعلهم فقال : ثم جاؤك يحلفون بالله .

وقيل : هي هدم مسجد الضرار ، وفيه نزلت الآية ، حلفوا دفاعاً عن أنفسهم ما أردنا ببناء المسجد إلا طاعة وموافقة الكتاب .

وقيل : ترك الاستعانة بهم وما يلحقهم من الذل من قوله : فقل إن تخرجوا معي أبداً ولن تقاتلوا معي عدواً ، والذي قدّمت أيديهم ردهم حكم الرسول أو معاصيهم المتقدّمة أو نفاقهم واستهزاؤهم ثلاثة أقوال .

وقيل في قوله : إلا إحساناً وتوفيقاً أي : ما أردنا بطلب دم صاحبنا الذي قتله عمر إلا إحساناً إلينا ، وما يوافق الحق في أمرنا .

وقيل : ما أردنا بالرفع إلى عمر إلا إحساناً إلى صاحبنا بحكومة العدل ، وتوفيقاً بينه وبين خصمه .

وقيل : جاؤوا يعتذرون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من محاكمتهم إلى غيره ما أردنا في عدولنا عنك إلا إحساناً بالتقريب في الحكم ، وتوفيقاً بين الخصوم ، دون الحمل على الحق .

وفي قوله : فكيف إذا أصابتهم مصيبة ، وعيد لهم على فعلهم ، وأنهم سيندمون عليه عند حلول بأس الله تعالى حين لا ينفعهم الندم ، ولا يغني عنهم الاعتذار .