وقرأ الأعرج ، وأبو جعفر ، وشيبة ، ونافع ، وابن عامر ، وزيد بن علي : { ويعلم } بالرفع على القطع .
وقرأ الجمهور : ويعلم بالنصب ؛ قال أبو علي وحسن : النصب إذا كان قبله شرط وجزاء ، وكل واحد منهما غير واجب .
وقال الزجاج : على إضمار أن ، لأن قبلها جزاء .
تقول : ما تصنع أصنع مثله ، وأكرمك ، وإن أشئت ، وأكرمك علي ، وأنا أكرمك ، وإن شئت ، وأكرمك جزماً .
قال الزمخشري : فيه نظر ، لما أورده سيبويه في كتابه قال : واعلم أن النصب بالفاء والواو في قوله : إن تأتني آتك وأعطيك ضعيف ، وهو نحو من قوله :
فهذا لا يجوز ، وليس بحد الكلام ولا وجهه ، إلا أنه في الجزاء صار أقوى قليلاً ، لأنه ليس بواجب أنه يفعل إلا أن يكون من الأول فعل .
فلما ضارع الذي لا يوجبه ، كالاستفهام ونحوه ، أجازوا فيه هذا على ضعفه .
قال الزمخشري : ولا يجوز أن تحمل القراءة المستفيضة على وجه ضعيف ليس بحد الكلام ولا وجهه ، ولو كانت من هذا الباب ، لما أخلى سيبويه منها كتابه ، وقد ذكر نظائرها من الآيات المشكلة . انتهى .
وخرج الزمخشري النصب على أنه معطوف على تعليل محذوف ، قال تقديره : لينتقم منهم { ويعلم الذين يجادلون } ، يكره في العطف على التعليل المحذوف غير عزيز في القرآن ، ومنه قوله تعالى : { ولنجعلك آية للناس } وقوله : { خلق الله السموات والأرض بالحق } { ولتجزى كل نفس بما كسبت } انتهى .
ويبعد تقديره لينتقم منها ، لأنه ترتب على الشرط إهلاك قوم ، فلا يحسن لينتقم منهم .
وأما الآيتان فيمكن أن تكون اللام متعلقة بفعل محذوف ، أي { ولنجعله آية للناس } ، { ولتجزى كل نفس بما كسبت } .
فعلنا ذلك ، وكثيراً ما يقدر هذا الفعل محذوفاً قبل لام العلة ، إذا لم يكن فعل ظاهر يتعلق به .
وذكر الزمخشري أن قوله تعالى : { ويعلم } قرئ بالجزم ، فإن قلت : فكيف يصح المعنى على جزم ويعلم ؟ قلت : كأنه قال : أو إن يشأ يجمع بين ثلاثة أمور : هلاك قوم ، ونجاة قوم ، وتحذير آخرين ، لأن قوله : { ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص } يتضمن تحذيرهم من عقاب الله ، { وما لهم من محيص } في موضع نصب ، لأن يعلم معلقة ، كقولك : علمت ما زيد قائم .
وقال ابن عطية في قراءة النصب ، وهذه الواو ونحوها التي تسميها الكوفيون واو الصرف ، لأن حقيقة واو الصرف التي يريدونها عطف فعل على اسم مقدر ، فيقدر أن ليكون مع الفعل بتأويل المصدر ، فيحسن عطفه على الاسم . انتهى .
وليس قوله تعليلاً لقولهم واو الصرف ، إنما هو تقرير لمذهب البصريين .
وأما الكوفيون فإن واو الصرف ناصبة بنفسها ، لا بإضمار أن بعدها .
وقال أبو عبيد على الصرف كالذي في آل عمران : { ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين } ومعنى الصرف أنه كان على جهة ، فصرف إلى غيرها ، فتغير الإعراب لأجل الصرف .
والعطف لا يعين الاقتران في الوجود ، كالعطف في الأسم ، نحو : جاء زيد وعمرو .
ولو نصب وعمرو اقتضى الاقتران ؛ وكذلك واو الصرف ، ليفيد معنى الاقتران ويعين معنى الاجتماع ، ولذلك أجمع على النصب في قوله : { ويعلم الصابرين } ، أي ويعلم المجاهدين والصابرين معاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.