وقرأ الجمهور : { يبشر } بتشديد الشين ، من بشر ؛ وعبد الله بن يعمر ، وابن أبي إسحق ، والجحدري ، والأعمش ، وطلحة في رواية ، والكسائي ، وحمزة : يبشر ثلاثياً ؛ ومجاهد ، وحميد بن قيس : بضم الياء وتخفيف الشين من أبشر ، وهو معدى بالهمزة من بشر اللازم المكسور الشين .
وأما بشر بفتحها فمتعد ، وبشر يالتشديد للتكثير لا للتعدية ، لأن المتعدي إلى واحد ، وهو مخفف ، لا يعدى بالتضعيف إليه ؛ فالتضعيف فيه للتكثير لا للتعدية .
{ ذلك } : إشارة إلى ما أعد لهم من الكرامة ، وهو مبتدأ خبره الموصول والعائد عليه محذوف ، أي يبشر الله به عباده .
وقال الزمخشري : أو ذلك التبشير الذي يبشره الله عباده . انتهى .
ولا يظهر الوجه ، إذ لم يتقدم في هذه السورة لفظ البشرى ، ولا ما يدل عليها من تبشير أو شبهه .
ومن النحويين من جعل الذي مصدرية ، حكاه ابن مالك عن يونس ، وتأويل عليه هذه الآية ، أي ذلك تبشير الله عباده ، وليس بشيء ، لأنه إثبات للاشتراك بين مختلفي الحد بغير دليل .
وقد ثبتت اسمية الذي ، فلا يعدل عن ذلك بشيء لا يقوم به دليل ولا شبهة .
{ قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودّة في القربى } .
روي أنه اجتمع المشركون في مجمع لهم ، فقال بعضهم لبعض : أترون محمداً يسأل أجراً على ما يتعاطاه ؟ فنزلت .
وروي أن الأنصار أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمال جمعوه وقالوا : يا رسول الله ، هدانا الله بك ، وأنت ابن أختنا ، وتعروك حقوق وما لك سعة ، فاستعن بهذا على ما ينوبك ، فنزلت الآية ، فردّه .
وقيل : الخطاب متوجه إلى قريش حين جمعوا له مالاً وأرادوا أن يرشوه عليهم على أن يمسك عن سب آلهتهم ، فلم يفعل ، ونزلت .
فالمعنى : «لا أسألكم مالاً ولا رياسة ، ولكن أسألكم أن ترعوا حق قرابتي وتصدقوني فيما جئتكم به ، وتمسكوا عن أذيتي وأذية من تبعني » ، قاله ابن عباس وعكرمة ومجاهد وأبو مالك والشعبي وغيرهم .
قال الشعبي : أكثر الناس علينا في هذه الآية ، فكتبنا إلى ابن عباس نسأله عنها ، فكتب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أوسط الناس في قريش ، ليس بطن من بطونهم إلا وقد ولده ، فقال الله تعالى : قل لا أسألكم عليه أجراً إلا أن تودّوني في قرابتي منكم ، فارعوا ما بيني وبينكم وصدقوني .
وقال عكرمة : وكانت قريش تصل أرحامها .
وقال الحسن : المعنى إلا أن تتودّدوا إلى الله بالتقرّب إليه .
وقال عبد الله بن القاسم : إلا أن يتودّد بعضكم إلى بعض وتصلوا قراباتكم .
روي أن شباباً من الأنصار فاخروا المهاجرين وصالوا بالقول ، فنزلت على معنى : أن لا تؤذوني في قرابتي وتحفظوني فيهم .
وقال بهذا المعنى عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، واستشهد بالآية حين سيق إلى الشام أسيراً ، وهو قول ابن جبير والسدي وعمرو بن شعيب ، وعلى هذا التأويل قال ابن عباس : قيل يا رسول الله : من قرابتك الذين أمرنا بمودّتهم ؟ فقال : " عليّ وفاطمة وابناهما "
والظاهر أن قوله : { إلا المودّة } استثناء منقطع ، لأن المودّة ليست أجراً .
وقال الزمخشري : يجوز أن يكون استثناء متصلاً ، أي لا أسألكم عليه أجراً إلا هذا أن تودّوا أهل قرابتي ، ولم يكن هذا أجراً في الحقيقة ، لأن قرابته قرابتهم ، فكانت صلتهم لازمة لهم في المروءة .
وقال : فإن قلت : هلا قيل إلا مودّة القربى ، أو إلا المودّة للقربى ؟ قلت : جعلوا مكاناً للمودة ومقرّاً لها ، كقولك : لي في آل فلان مودّة ، ولي فيهم هوى وحب شديد ، تريد : أحبهم وهم مكان حبي ومحله .
وليست في صلة للمودّة كاللام ، إذا قلت إلا المودّة للقربى ، إنما هي متعلقة بمحذوف تعلق الظرف به في قولك : المال في الكيس ، وتقديره : إلا المودّة ثابتة في القربى ومتمكنة فيها .
وقرأ زيد بن عليّ ؛ إلا مودّة ؛ والجمهور : إلا المودّة .
{ ومن يقترف حسنة } : أي يكتسب ، والظاهر عموم الحسنة عموم البدل ، فيندرج فيها المودّة في القربى وغيرها .
وعن ابن عباس والسدي ، أنها المودّة في آل رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقرأ الجمهور : { نزد } بالنون ؛ وزيد بن عليّ ، وعبد الوارث عن أبي عمرو ، وأحمد بن جبير عن الكسائي : يزد بالياء ، أي يزد الله .
والجمهور : { حسناً } بالتنوين ؛ وعبد الوارث عن أبي عمرو : حسنى بغير تنوين ، على وزن رجعى ، وزيادة حسنها : مضاعفة أجرها .
{ إن الله غفور } : ساتر عيوب عباده ، { شكور } : مجاز على الدقيقة ، لا يضيع عنده عمل العامل .
وقال السدي : غفور لذنوب آل محمد عليه السلام ، شكور لحسناتهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.