البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَقَدِ ٱخۡتَرۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ عِلۡمٍ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ} (32)

{ ولقد اخترناهم } : أي اصطفيناهم وشرفناهم .

{ على علم } علم مصدر لم يذكر فاعله ، فقيل : على علم منهم ، وفضل فيهم ، فاخترناهم للنبوات والرسالات .

وقيل : على علم منا ، أي عالمين بمكان الخيرة ، وبأنهم أحقاء بأن يختاروا .

وقيل : على علم منا بما يصدر من العدل والإحسان والعلم والإيمان ، بأنهم يزيفون ، وتفرط منهم الهنات في بعض الأموال .

وقيل : اخترناهم بهذا الإنجاء وهذه النعم على سابق علم لنا فيهم ، وخصصناهم بذلك دون العالم .

{ على العالمين } : أي عالمي زمانهم ، لأن أمة محمد صلى الله عليه وسلم مفضلة عليهم .

وقيل : على العالمين عام لكثرة الأنبياء فيهم ، وهذا خاص بهم ليس لغيرهم .

وكان الاختيار من هذه الجهة ، لأن أمة محمد أفضل .

وعلى ، في قوله : { علم علم } ، ليس معناها معنى على في قوله : { على العالمين } ، ولذلك تعلقا بفعل واحد لما اختلف المدلول ، كقوله :

ويوماً على ظهر الكتيب تعذرت *** عليّ وآلت حلفة لم يحلل

فعلى علم : حال ، إما من الفاعل ، أو من المفعول .

وعلى ظهر : حال من الفاعل في تعذرت ، والعامل في ذي الحال .