اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَقَدِ ٱخۡتَرۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ عِلۡمٍ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ} (32)

ولما بين الله تعالى ( أنه ){[50364]} كيف دفع عن بني إسرائيل الضرر ، بين أنه كيف أوصل إليهم الخيرات فقال : { وَلَقَدِ اخترناهم على عِلْمٍ عَلَى العالمين } والمراد اخترنا مؤمني بني إسرائيل على عالَمِي زمانهم{[50365]} .

قوله : «على علم » متعلقة بمحذوف ، لأنها حال من الفاعل في «اخترناهم » و«على العالمين » ، متعلقة باخترناهم{[50366]} . وفي عبارة أبي حيان : أنه لما اختلف مدلولهما جاز تعلقهما باخترنا ، وأنشد على ذلك ( الشاعر ){[50367]} ( رحمةُ اللهِ عَلَيْهِ ){[50368]} :

4439 وَيَوْماً عَلَى ظَهْرِ الكَثِيبِ تَعَذَّرَتْ *** عَلَيَّ وآلَتْ حَلْفَةً لَمْ تُحَلَّلِ{[50369]}

ثم قال : ف «على علم » حال إما من الفاعل ، أو من المفعول ، و«على ظهر » حال من الفاعل في «تعذرت » والعامل في الحال هو العامل في صاحبها . ( وفيه نظر{[50370]} ، لأن قوله أولاً : ولذلك تعلقا بفعل واحد لما اختلف المدلول ينافي جعل الأولى حالاً ، لأنها لم تتعلق به{[50371]} ، وقوله : والعامل في الحال هو العامل في صاحبها ) لا ينفع في ذلك{[50372]} .

فصل

قيل : هذه الآية تدل على كونهم أفضل من كل العَالَمِينَ . وأجيب : بأن المراد على عَالَمِي زَمَانِهِمْ وقيل : هذا عام دخله التخصيص . كقوله : { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ }{[50373]} [ آل عمران : 110 ] .


[50364]:سقط من ب.
[50365]:انظر تفسير الإمام الفخر الرازي 27/247 و248.
[50366]:الدر المصون 4/817.
[50367]:سقط من ب وكان الأولى: أبو حيان بدل الشاعر.
[50368]:زيادة من أ.
[50369]:من الطويل وينسب لامرئ القيس والكثيب الرمل الكثير والتعذر والتشدد، وآلت حلفت والشاهد جعل "على ظهر" حالا من فاعل تعذرت كما تعلق قوله "على" بنفس الفعل وإن اختلف معنى الحرفين. وانظر السبع الطوال 42 والبحر 8/38 والهمع 1/87، وشرح المعلقات السبع للزورني 13.
[50370]:سقط من ب ما بين الأقواس.
[50371]:فقد تعلقت بمحذوف أي "اخترناهم عالمين بمكان الخيرة" انظر الكشاف 3/504.
[50372]:وإذا لم تكن حالا منه لأنها لم تتعلق به فكيف يكون عاملا فيها؟
[50373]:وقد ذكر الوجهين الرازي فهما رأيه انظر تفسيره 27/248.