البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{مَا قَطَعۡتُم مِّن لِّينَةٍ أَوۡ تَرَكۡتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَىٰٓ أُصُولِهَا فَبِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَلِيُخۡزِيَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (5)

اللينة ، قال الأخفش : كأنه لون من النخيل ، أي ضرب منه ، وأصلها لونه ، قلبوا الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ، وأنشد :

قد شجاني الأصحاب لما تغنوا *** بفراق الأحباب من فوق لينه

انتهى . وجمعها لين ، كتمرة وتمر ، وقد كسروه على ليان ، وتكسير ما بينه وبين واحده هاء التأنيث شاذ ، كرطبة ورطب ، شذوا فيه فقالوا : أرطاب وقال الشاعر :

وسالفة كسحوق الليان *** أضرم فيها الغوى السعر

وقال أبو الحجاج الأعلم : الليان جمع لينة ، وهي النخلة . انتهى ، وتأتى أقوال المفسرين في اللينة .

ونزل : { ما قطعتم من لينة } الآية رداً على بني النضير ، وإخباراً أن ذلك بتسويغ الله وتمكينه ليخربكم به ويذلكم .

واللينة والنخلة اسمان بمعنى واحد ، قاله الحسن ومجاهد وابن زيد وعمرو بن ميمون .

وقال الشاعر :

كان قيودي فوقها عش طائر *** على لينة سوقاً يهفو حيونها

وقال آخر :

طراق الحوامي واقع فوق لينة *** يدي ليلة في ولشه يترقرق

وقال ابن عباس وجماعة من أهل اللغة : هي النخلة ما لم تكن عجوة .

وقال الثوري : الكريمة من النخل .

وقال أبو عبيدة وسفيان : ما ثمرها لون ، وهو نوع من التمر يقال له اللون .

قال سفيان : هو شديد الصفرة يشف عن نواه فيرى من خارج .

وقال أيضاً أبو عبيدة : اللين : ألوان النخل المختلطة التي ليس فيها عجوة ولا برني .

وقال جعفر بن محمد : هي العجوة ، وقيل : هي السيلان ، وأنشد فيه :

غرسوا لينة بمجرى معين *** ثم حف النخيل بالآجام

وقيل : هي أغصان الأشجار للينها ، فعلى هذا لا يكون أصل الياء الواو .

وقيل : هي النخلة القصيرة .

وقال الأصمعي : هي الدفل ، وما شرطية منصوبة بقطعتم ، ومن لينة تبيين لإبهام ما ، وجواب الشرط { فبإذن الله } : أي فقطعها أو تركها بإذن الله .

وقرأ الجمهور ؛ { قائمة } ، أنث قائمة ، والضمير في { تركتموها } على معنى ما .

وقرأ عبد الله والأعمش وزيد بن علي : قوماً على وزن فعل ، كضرب جمع قائم .

وقرىء : قائماً اسم فاعل ، فذكر على لفظ ما ، وأنث في على أصولها .

وقرىء : أصلها بغير واو .